كتب: إميل أمين
شهدت العاصمة البرتغالية لشبونة ، المقر الجديد القريب ، لمركز الملك عبد الله بن عبد العزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات ، الإحتفال الرئيسي الخاص بتخرج دفعة جديدة من زملاء المركز الذين أنهوا عامين من برنامج التدريب والتنمية ، والذي طالت فترته بسبب تفشي جائحة كوفيد -19 .
بدا الحفل كمناسبة مهمة ومبهجة ، رانت فيها أصوات الوفاق ، والبحث عن المشترك ، والنظر إلى أحوال العالم ، في ضوء مت تعلموه وما حققوه .
ما الذي يهدف إليه برنامج الزمالة المشار إليه ؟
الشاهد أنه يسعى في طريق تزويد المشاركين فيه بالأدوات والخبرات وفرص التعارف الرقمي والمعارف اللازمة لتصميم مشروعات الحوار بين أتباع الأديان ، وكذا دعمها في بلدانهم الأصلية ، فضلا عن تدريب طلابهم ليصبحوا ميسرين للسلام وقادة في مجال التعاون بين أتباع الأديان .
يهدف البرنامج عينه إلى إنشاء شبكة عالمية دائمة ومستدامة من أصحاب العقول الذكيه والقدرات النقية ، الساعين في طريق بناء الجسور وهدم الجدران ، من مختلف الخلفيات الدينية والثقافية ، لا سيما من المناطق الجغرافية التي تنشب فيها الخلافات والتوترات الطائفية ، ويبقى فيها خطر الصراع قائما وربما قادما .
خلال برنامج الزمالة للعام 2020 ، نجح كايسيد في بلورة ثلاث مجموعات ، شاركت بعمق وكثافة في دورات التكوين ، مجموعة إفريقية ، وأخرى من جنوب شرق آسيا ، وثالثة هي المجموعة الدولية ، وقد شارك في جميعها نحو 61 عضو ، من بينهم قيادات دينية وشخصيات تمارس الحوار بالفعل في الواقع العملي ، وتتوزع إنتماءات المشاركين بين ستة أديان مختلفة : الإسلام ، البوذية ، المسيحية ، الهنوسية ، اليهودية ، البهائية .
على مدار العام ، التزمت كل مجموعة من المجموعات الثلاث ، بعدد من الفصول الدراسية عبر شبكة الإنترنت ، عطفا على دورات إفتراضية ، إلى جانب دورة تدريبية داخلية موجهة نحو تعليم الحوار بين أتباع الأديان والثقافات ، وقد أجتمعت المجموعة الدولية في أديس ابابا باثيوبيا ، وفي كولمبو بسريلانكا ، وفيينا على التوالي .
في كلمتها خلال حفل التخرج ، وعبر رسالتها الترحيبية ، قالت سعادة الاستاذة الهام الشجني ،نائبة الأمين العام لمركز الحوار العالمي “كايسيد” بالإنابة ” بفضل التعليم وبناء القدرات والتدريب والعديد من الفرص الأخرى للإبتكار والإبداع،مكن كايسيد الزملاء من أن يكونوا عناصر قوية للتغيير الإجتماعي وأعدهم لمواجهة التحديات المحلية والإقليمية على حد سواء “.
فيما القت المفوضة السامية للهجرة في البرتغال معالي الاستاذة سونيا بيريرا كلمة اشارت فيها إلى :” أنه لا يوجد أفضل من مدينة لشبونة لإقامة هذا الإحتفال ، إذ إنها مدينة شهدت طوال قرون عديدة لقاءات وتبادلات مستمرة بين أتباع الأديان والثقافات وبنيت على هذا الأساس وهي أيضا نقطة إلتقاء استراتيجية لتعزيز الحوار بين أوربا وإفريقيا وآسيا والأمريكيتين .
كانت اللمسة الوفاقية الأخيرة ، وقبل إحتفال التخرج ، ذات دلالات كبيرة وواضحة ، إذ شارك زملاء كايسيد لعام 2020 في جولة تدريبية ركزت على التقييم والإستدامة ، وقاموا بزيارة ثلاثة أماكن دينية في العاصمة البرتغالية : كنيسة ساو دومينغوس ، وكاتدرائية القديس بولس ، ومسجد لشبونة المركزي .
ما الذي يقوله الشباب الذين شاركوا في هذه الدورة وحصدوا زمالة قيمة ؟
خذ إليك على سبيل المثال ، محمد بالوند منيا ، وهو زميل كايسيد وممارس للحوار بين أتباع الأديان من أوغندا ، متحدثا عما تعلمه في أثناء مشاركته في البرنامج :” إن حب الأديان الأخرى واجب وضروري في كل النصوص الدينية ، ولكن كره شخص ما نظرا إلى الإختلاف في الدين هو خيار فردي “.
أما نانسي سيسيليا التي تنحدر من الأرجنتين ، وكانت من بين أعضاء المجموعة الأخيرة، فتقول :”في اثناء برنامج كايسيد للزمالة الدولية لعام 2020 ، علمت أنه مع اختلافاتنا ما يزال بوسعنا أن نعمل معا من أجل تحقيق السلام “.
أما جوناس شالوم ، وهو من الارجنتين أيضا ، فهو يؤيد بحماسة ما قالته مواطنته نانسي وعنده أن ” برنامج الزمالة لا يدربنا على مستوة عميق من الحوار بين أتباع الأديان وحسب ، بل هو يحثنا على بناء مشروعات جديدة ومبتكرة أيضا “.
صمم زملاء البرنامج لعام 2020 وقدموا 61 مشروعا مختلفا شملت دورات للتدريب على الحوار ومؤتمرات ومحاضرات وزيارات ميدانية ، وإلى جانب ذلك ، أنتج العديد من المواد التعليمية ومنها أعمال فنية ومنشورات مكتوبة وافلام وثائقية .
وفي سياق حفل التخرج عينه ، يرى الاستاذ كيفورك أغوبجيان ، مدير برنامج كايسيد للزمالة الدولية :” إن زملاء البرنامج لعام 2020 سوف يدخلون تاريخ برنامج كايسيد للزمالة الدولية بصفتهم أحد أكثر المجموعات مرونة وأملا وإصرارا وغبداعا ، وإن مشاركتهم الدائمة في البرنامج على مدى الشهور الستة والعشرين الماضية أكدت الفكرة القائلة :” إذا صدقت العزيمة استحالت الهزيمة “.
لا تتوقف مسيرة زملاء كايسيد عن التخرج ، ذلك أنهم سيصبحوا جزءا من شبكة خريجي زملاء كايسيد ، وهناك سوف يواصلون التعلم والتعاون مع بعضهم البعض ، ويتابعون عملهم الشعبي بمبادرات صغيرة النطاق تشجع الحوار في سياق محلي .
ختاما قالت الاستاذ الشجني :” يسرني إيما سرور أننا استطعنا اقامة هذا الاحتفال في الجمهورية البرتغالية ، ذلك البلد الذي يعد تاريخيا منارة للتعددية الثقافية ، وفي مدينتنا المضيفة الجديدة لشبونة الرائعة والمضيافة .وفي عام 2022 سوف يستضيف كايسيد حفلين إضافيين في لشبونة لتخريج الزملاء احتفاء بإنجازات مجموعات الزملاء الدولية والاوربية والامريكية اللاتينية .