
زينب مهداوي
أثبت لنا التاريخ أن أكبر المصائب التي قلبت موازين البشر تنبع دائما من شخص أو مجموعة أشخاص تسلقوا جدران المناصب أو كدسوا جبال من الذهب فأردوا أكثر و أكثر بل بلغ ببعضهم البحث عن الألوهية والسلطة المطلقة على من هم أبسط في روايات الحياة و على الرغم أن درس هذه الأخيرة لم تخلف قوانينها و مواعيدها مع أحد فلكل بداية نهاية حتى و لو استمر الأمر لبعض الزمن بحكم الثوريات و غيرها من تصريفات البشرية بحثا عن الخلود….
نشوة غريبة سلبت أرواح هؤلاء لحد ذهب البعض لادعاء الربوبية الكاملة على الأرض وهذا ما روته لنا أساطير الأوليين في العصور السالفة و بعض نصوص و شواهد قصص الأديان و التي بحسب السرد لم تروي أبدا عطش هؤلاء رغم كل ما كان بين أياديهم من نعم بل العكس ازداد الطمع و كبرت الأنانية التي فيهم ما تسبب للكثيرين العيش في عهود اختلالات نفسية حيث تجرد أصحاب النفوذ من كل معاني الإنسانية فلقد حملت لنا أوراق التاريخ الحمراء أقصى ما يمكن أن يصل إليه البشر..
و نحن في قمة عطشنا العلمي خلال رحلة التنوير كنا نقرأ كل ما ورد بذهول و قد حدث أننا شككنا في مصادر الحكايات أحيانا و أحيانا الخلط قد يكون بفعل فعال نظرا لصعوبة تصديق ما قد يدخل في حيز الخيال إلا أن وقائع ودلائل الأرض لا تزال تحمل لطخات و جرائم بني البشر..
وها نحن على بعد قرون عن تلك الحقب المملؤة بأساطير والبربريات ظنا منا أننا في أحسن حال ففي الظاهر تحسنت الحياة كثيرا في جميع النواحي خاصة العلمية و الاجتماعية الى حدود لا يمكن مقارنتها أبدا بالماضي , فأصبحت الحياة أسهل و أبسط في ظاهرها و لكن يبدو أننا بدأنا نستيقظ علىحقيقة أسوأ ما يمكن تصوره من حيث الاختلالات المرضية و الأخلاقية باسم إنسانية تجمع الجميع تحت سقف العادلة و الحريات و هذا بحسب روايات عولمة لم ندرك الهدفالحقيقي منها إلا قريبا ففي حين كنا نتكبد الويلات في أوطننا و قيل لنا أن الحلول شبه مستحيلة و ليبقى حبر أقلام الصحف الدولية ترسم مآسينا و تحاول جاهدة بحسب تقاريرهم إنقاذ بعض رمادنا لعله يزهر من جديد
شرعية دولية اكتشفنا أنها مجرد محرك و متفرج لكل مشاهدنالحظة تعلق الأمر بجينات وراثية المعينة بل تأكد لنا خلاصة ما يريده أصحاب المال المطلق و السلطة أن ما يعنيهم ليست البشرية جمعاء لكن “ذرة المليار الذهبي” المختارة و التي يحق لها البقاء و العيش فوق الأرض و كذا أصحاب الصفوة اللذين يمكنهم التمتع بالحياة و في فنادق لا نجوم تحدها إما في القمر أو المريخ بحسب تصنيف المادي و السلطوي أما الباقون الغير مرغوب فيهم ستتكفل بهم بعض الحروب الإقليمية أو الأوبئة و من لم يمت بذاك و ذاك سيستنزف لحد الموت جرأ تحمل تكلفة بقائه حي …
واعيد هؤلاء وحروبهم العسكرية, البيولوجية والمالية لا يخيفها وضع العالم على مشارف النووي أو أي نوع من الكوارث المفتعلة من أجل الوصول لتحقيق أهدافهم فنحن يوميا نأخذ جرعات من الأخبار السلبية و كذا تقارير لنكسات بيولوجية و مناخية …لحد لا يوصف ليتأكد لنا أن ما ينتظرنانحن أصحاب الطبقات الفضية و البرونزية و القصديريين أسوأ و أنهلا مكان لنا في هذا العالم.
و في الأخير العالم أصبح أكثر عنصرية و أقل احتراما للأخلاق فلقد سمحوا بارتفاع الأصوات من هنا و هناك بإباحة استعمال تكنولوجيات خلقت المبتغى في صناعة الضجيج والواضح أن أصبح الواحد منا لا يسمع للأخر فقد داست في غفلة منا مشاريع و ممارسات تنبئ بغد سيتمنى الإنسان أن يعود كاليوم مجرد رقم …
نعيش أزمات لا تعني أحدا منا كأفراد لكننا ندفع الثمن كل النتائج خوفا من موت و اندثار مفاجئ للبشرية بحسب سيناريوهات تدس لنا بقطرات منذ فترات طويلة في حين كنا نحلم ببيوت جميلة نزرع فيها بعض الورد أو نلهو مع بعض الخرفان بمقابل ترصد عطشىالعالم في غفلة منا…
و في انتظار تقارير و أرقام عكسية مغايرة لما هو متداول على مدار الثواني و الدقائق فقد نتفاجأ بأنباء المجاعة التي يحكى أنها بسبب حرب لم نستشار فيها باسم عولمتهم ليست إلا دعابة من أجل دواعي درامية و ترفهيه لتخفيف أعباء إنسانية حقا متعبة…