
ماجدة القاضي
يحوم شبح نقص الغذاء على العالم بصورة تتطلب فهم خطورة ما ينتظرنا في المستقبل كجزء من واقع نعيشه ولابد ان نفهمه، في الشهر الماضي حذر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش من أن الأشهر المقبلة يتهددها شبح نقص الغذاء وهوما يتزامن مع ارتفاع تكاليف المعيشة على مستوى العالم وكأن العالم بحاجة لازمة جديدة تضاف لجملة ازماتهالسابقةمن وباء كوقيد19 الذى أضعف الاقتصاد وتغير المناخ وصدمة الطاقة لتأتى الحرب لتكمل فصول الازمة وتحكم حلقاتها على العالم بأسره
الحرب الدائرة رحاها الان على الأرض بين روسيا وأوكرانياضربت أمن العالم الغذائي والاقتصادي في مقتل فارتفعت أسعار القمح عالميا بنسبة 53%منذ بداية هذا العام ثم قفزت بنسبة 6%في مايو الماضي مرة أخرى وهي نسبة كفيلة بتحويل أي اقتصاد في العالم لتحمل أعباء مخيفةلا قبل له بها خاصة الدول التي تعتمد اعتمادا كليا على الاستيراد.
والازمة لا تقتصر على القمح كمحصول غذائي رئيسي وحده بل تمتد لعدد كبير من المحاصيل الغذائية التي يعتمد العالم فيها على انتاج أوكرانيا وروسيا من الحبوب مثل الشعير والذرة والحبوب المنتجة للزيوت والتي تعرضت اما للتوقف عن التصدير أو دمرت في المستودعات بفعل الحرب
تساهم روسيا وأوكرانيا بنحو نصف الحبوب التي يستوردها لبنان وتونس. بالنسبة لليبيا ومصر فإن الرقم هو الثلثين. توفر الصادرات الغذائية الأوكرانية مايكفي 400 مليون شخصا وتعطل الحرب هذه الإمدادات لأن أوكرانيا قامت بتلغيم مياهها لردع أي هجوم، ومن جهتها تحاصر روسيا ميناء أوديسا حتى تحكم سيطرتها على أوكرانيا اقتصاديا
.حذر برنامج الغذاء العالمي من أن عام 2022 سيكون عامًا فظيعا بالنسبة للأمن الغذائي وقالتالصين، أكبر منتج للقمح، إنه بعد هطول الأمطار التي أخرت الزراعة العام الماضي، قد يكون هذا المحصول هو الأسوأ على الإطلاق.
الآن، بالإضافة إلى درجات الحرارة القصوى في الهند، ثاني أكبر منتج في العالم للقمح، يهدد نقص الأمطار باستنزاف المحاصيل في سلال الخبز الأخرى، من حزام القمح الأمريكي إلى منطقة بوس في فرنس ويعاني القرن الأفريقي من أسوأ موجة جفاف منذ أربعة عقود. مرحبا بكماذن في عصر تغير المناخ والحروب .
وبالتالي فالمحتمل هو أن 440 مليون الى 1.4 مليار معرضون لأخطار المجاعة على مستوى العالم وقد يقع الملايين ضحايا للفقر ونقص الامدادات ومشكلات لا حصر لها لدى الأطفال اقلها التقزم
على الصعيد السياسيتم تجهيز المشهد للعبة إلقاء اللوم ببراعة حيث يدين الغرب السيد بوتين لغزوه، وتندد روسيا بالعقوبات الغربية. في الحقيقة،كانت الاضطرابات ناتجة في المقام الأول عن غزو بوتين سببا في ارباك الاقتصادالعالمي، وقد أدت العقوبات إلى تفاقمها.
المشكلة الان ليست في القاء اللوم وتوجيه الاتهامات لأنه في غضون ذلك سيعاني الناس من الجوع والمرض ويموت الكثيرين وبدلا من ذلك تحتاج الدول للعمل معا وفتح أسواقها أمام بعضها البعض وهو عكس ما يحدث الان حيث رفعت أندونيسيا وهي مصدر 60%من زيت النخيل في العالم حظر مؤقت على الصادرات وهناك دول مثل المانيا تعاني نقصا حادا في الزيوت وغيرها من السلع وهو ما ينطبقعلى عدد كبير من دول أوربا والعالم .
. يجب أن تساعد أوروبا أوكرانيا في شحن حبوبها عبر السكك الحديدية والطرق إلى الموانئ في رومانيا أو دول البلطيق، على الرغم من أن أكثر التوقعات تفاؤلاً تشير إلى أن 20٪ فقط من المحصول يمكن أن يخرج بهذه الطريقة. تحتاج الدول المستوردة إلى الدعم أيضًا، حتى لا ينتهي بهم الأمر إلى الانقلاب بفواتير ضخمةلا يمكن لاحد سدادها يجب أن تذهب الإمدادات الطارئة من الحبوب إلى الدول الأكثر احتياجا. بالنسبة لباقي الدول، فإن تمويل الواردات بشروط مواتية، ربما يتم توفيره من خلال صندوق النقد الدولي الذيسيسمح بدولارات الجهات المانحة.
العالم يحتاج لوجهة نظر جديدة في طبيعة الأسلوب الذي يحكم علاقاته في هذه المرحلة اكثر من مجرد اعتبارات القوى السياسيةوتوازناتها لان الجوع القادم لن يرحم احد ويحتاج لنظرة ثاقبة وفهم لطبيعة التحديات المتلاحقة التي يمر بها العالم وانها أكبر من مجرد خلاف قوى على الزعامة والسيادة والحفاظ على القوة أن اطعام عالم هش هو عمل الجميع وإصلاح ما فسد لصالح الجميع .
.