
إيمان بهي الدين
كان يوماً صادما ًحزيناً الذي استيقظت فيه مصر على حادث بشع، بذبح طالب لزميلته الطالبة التي احبها، وذلك نهارا جهارا في الشارع أمام مرأى ومسمع الجميع.
ولن أتحدث عن التناول الإعلامي للحادث الذي وصل في عدم المهنية إلى حد التجاوز الذي يستحق معه المساءلة القانونية وليست المهنية فقط، فصرت على قناعة بأنه لا جدوى من الحديث عن إعلام فقد مهنيته مع كل ما نشاهده اليوم.
ولكن الحديث هنا سوف يتطرق إلى بعد أرى أنه الأهم .. فقد صار خلال السنوات الاخيرة أمرا أشبه ما يكون بتمييز أو جندرة الحوادث التي فيها المرأة طرف مجني عليه، فما من حادث من هذا النوع حتى تهل علينا المؤسسات النسوية للدفاع عن المجني عليها ومهاجمة الطرف الآخر لأن التفسير الوحيد لديهم هو قهر المرأة، رغم وجود كوارث وجرائم ترتكبها إمرأة ضد الرجل ولكنها للاسف تفسر أيضا إنها نتاج قهر المرأة من الرجل، فيصل الأمر إلى مهاجمة المجتمع ذاته. وبين مصيبة أخرى في رجال الدين الذين يحولون الحدث برمته إلى ملابس وفتنة الفتاة، وضرورة الالتزام بالحجاب.
وهكذا يتحول الأمر إلى معركة وجدل ونقاش ما بين عنف يمارس ضد المرأة، وبين ضرورة حجاب المرأة أو أن تسير في قفة لأن هذا سيجنبها مثل تلك الحوادث. والواقع ان الأمر أخطر من هذا وذاك … فهو ينذر بكارثة حلت على المجتمع المصري، ولا يكشف إلا عن انحدار أخلاقي وقيمي رهيب.
الأجدى هو أن نبحث في جذور الجريمة وأسبابها، وأسباب تزايدها بشكل رهيب، بل ومدى بشاعتها أحيانا. وذلك لن يتم إلا من خلال خبراء علم النفس والاجتماع والجريمة… فلا يمكن تفسير هذه الحوادث بالأسباب الظاهرية لها، لانه لابد وأن تكون لها أسباب أعمق من ذلك بكثير.
يجب علينا جميعا كمصريين أن نسعى لاستعادة المجتمع المصري مما آل إليه الحال، وضروري أن تعمل كل مؤسسات الدولة من حكومة ومجتمع مدني ومؤسسات دينية وإعلامية وتربوية على بناء مجتمع سليم ركيزته أسرة سوية بعلاقات سوية، فهذا الجدل والتطاحن لن يكسب منه أحد وسيظل الخاسر دوما هو المجتمع المصري .
فهل من سبيل للهروب من هذا القاع الذي لصقنا فيه من سنوات؟ هل من طاقة أمل في بناء نسق قيمي وثقافي وتربوي جديد ؟
……………………
نقلا عن مجلة أخبار السياحة