30 مارس 2023 9:58 ص
أخبار عاجلة

المراقب ينشر دراسة شاملة حول كتاب “الطريق إلى  الإستفادة  من الأعداء “

تعبيرية

أعد الدراسة للنشر: إميل أمين 

 

عن المركز الثقافي العربي في الدار البيضاء في المغرب ، ومن ترجمة الاستاذ مصطفى الورياغلي ، صدر حديثا هذا الكتاب الشيق ، للمؤرخ والفيلسوف الاغريقي بلوتارخ، والمعروف ايضا باسم فلوطرخس  ، والمولود سنة 45 ميلادية  ، وله مؤلفات عديدة  في التاريخ والفلسفة ، منها  بل اهمها كتاب ” السير المقارنة لعظماء اليونان والرومان، وكتاب الاخلاق او ” موراليا ” وهذا العمل الذي بين ايدينا .

يتناول هذا العمل الادبي والفلسفي الرفيع نصان ، الاول هو كيف تستفيد من اعداءك، والثاني كيف تميز بين المتملق والصديق .

والشاهد ان الطبيعة الانسانية واحدة ، ثابتة عبر الحق والاماكن .هذا ما يثبته هذان النصان لبلوتارخ ، ذاك المفكر الاغريقي الذي استشعر الحاجة ، منذ زمانه الى  مساعدة معاصريه على ان ” يستفيدوا من اعداءهم “، وان “يميزوا بين المتملق والصديق “.

يكشف لنا بلوتارخ  في هذا الكتاب الشيق ، حيث تمتزج الدعابة  والطرائف ، والاسطورة والتاريخ ، جميع  حيل التملق ، ويعلم الحذر من المديح المعسول ، والصراحة المغشوشة  ، والاصدقاء المنافقيين ، بل انه يذهب الى  حد اثبات منفعة الاعداء ، الذين يدفعوننا  الى الاحتراس ، فيكون ذلك حافزا لنا  على تطوير انفسنا  وتحقيق افضل نسخة من ذواتنا  ، وهو ما يشكل في الاخير افضل رد وانبل انتقام  يمكن ان نواجه به خصومنا .

يبدو الكتاب وكانه نصائح من الفيلسوف الاغريقي الى  ” كورنيليوس بولشير” الذي كان نائبا  عاما في منطقة “أكايا ” اليونانية  عند اواخر حياة بلوتارخ ،  نصائح من اجل ان يقوم بتسيير امور الدولة على  افضل طريق.

يذكر الفيلسوف رجل الدولة  ، بان حسد اعدائنا  يوازن اهمالنا  ، ثم اننا  نستفيد من انتقامنا  من عدو عندما  نبتليه بسمو اخلاقنا ، ويسترجع الى ذلك جواب ” ديوجين “الفيلسوف اليوناني صاحب المصباح الشهير ، وهو جواب يليق بالفيلسوف ورجل الدولة :” كيف سادافع  عن نفسي ضد عدوي ؟ بان تتمسك بالفضيلة .

يتباكى الناس  اذا ما سمعوا  مديحا لخيل عدوهم ، وتقريظا لكلابه ، ويشعرون بالاسى  اذا ما راوا  اراضيه جيدة للحرث ، وحديقته مزهرة . فكيف سيكون موقفهم في رايك ، لو انك أبنت عن انصاف وحكمة وفضل ونزاهة  في خطاباتك ، وعن استقامة في افعالك ، وعن حشمة  في سلوكك.

يساءل بلوتارخ ” كورنيليوس “..أتريد أن توجع من يكرهك؟ ويجيب :” لا تصفه باللوطي، او المخنث ، او الماجن ، او البهلوان ، او البخيل ، لكن تصرف مثل انسان حقيقي ، وكن متواضعا  ، وقل الحقيقة ، وعامل من تلقاهم بانسانية   وانصاف .

لكن ان رايت  انك مرغم  على  ان تصل الى السباب ، ابتعد ، ما امكنك الابتعاد ،  عن النقائص التي ترميه بها . واسبر اعماق روحك ، وافحص ثغراتها  ، حتى لا تسمع  صوت رذيلة  مخفية يهمس لك ببيت الشعر التراجيدي  الذي يقول :” تريد ان تشفى  بينما  يغلي جسمك بالقروح “.

يكمل بلوتارخ في سرد اخلاقي بديع :” أترميه بالجهل ؟ ضاعف من حماسك في العمل ومن محبتك العلوم . أم تصفه بالجبن ؟ أنعش جرأتك وشجاعتك . أم تهجوه بالمجون ؟ أمح من روحك كل أثر لميل الى الشهوة  قد تكون احتفظت به سرا . فلا شيئ ادعى الى الخجل ، واشد ايلاما  من ان ترى  الرقابة التي يمكن ان توجه الى غيرك تقع  عليك انت .

لاتزال هذه الصفحات المنيرة  ، المكتوبة منذ قرون طويلة  ، تحتفظ براهنيتها  وهذا خير دليل على  وجاهتها  ودقتها  وحكمتها .

 

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.