27 مارس 2023 6:06 م
أخبار عاجلة

الداعشيون الجدد يكرهون العلم مثلما كرهوا الدين !

الدكتور رفعت سيد أحمد

 

لقد اضحى من المفروغ منه بالادلة والوثائق ،أن تلك التنظيمات الارهابية الداعشية التي عاثت في أوطاننا فسادا وارهابا طيلة السنوات العشرالماضية ؛جماعات تكره الدين الصحيح وتعمل جاهدة مع رعاتها من دول وأجهزة مخابرات إقليمية ودولية على تشويهه وتقديم صورة فاسدة قبيحة عنه ،وبأنه دين عنف وذبح وفوضى،وتلك الجماعات أيضا حاولت ولا تزال تقديم خصومة مفتعلة بين الدين والعلم ،بعد أن خاصمت أيضا بينه وبين القيم الانسانية الراقية كالعدل والاحسان والتسامح والجمال ،هي الان تخاصم العلم رغم أنها استخدمت الجانب الشرير منه ،جانب التفجير والقتل والترويج لهما عبر وسائل الاتصال (العلمية)الحديثة التي تمتلكها رغم كراهيتها لها . وتك الجماعات في كراهيتها للعلم وللدين الصحيح ،ليست جديدة في مجالها ،فلقد سبقتها جماعات وتنظيمات تتدعي وصلا بالاسلام وهي في سلوكها الحياتي أشد كراهية وعداء له من الكفار أنفسهم .وتحريرا للمسألة في أصولها وبحثا عن الربط الدقيق بين الاسلام (والدين عموما)وبين العلم بعيدا عن تأويلات الداعشيون الجدد والقدامي دعونا نسجل الاتي :
أولا:إن العلم والدين ،كلمتان عظيمتان، من أشيع الكلمات قديما وحديثا،ولكل كلمة مدلولها ومفهومها وفلسفتها.

فالدين هو: القوانين الاعتقادية التي جاءت من طريق الوحي الإلهي. والعلم لغة بمعنى المعرفة. ولا حاجة بنا إلى أن نستشهد بكل ما ورد في المعاجم.. ففي اللسان: علمت الشئ أعلمه علما: عرفته، وعلم بالشئ: شعر.. وعلمت بالشئ: بمعنى عرفته وخبرته.. والعرفان: العلم وعرفه الأمر. وعمله إياه، والتعريف: الإعلام.. ومثل هذا في سائر المعاجم.
والمعنى المشارك فيه هو مفهوم الإدراك، إدراك النفس على الوعي الشامل حسيا كان أو ذهنيا.
.
وغاية الدين إسعاد الإنسانية في الحياة الدنيا، وفي الحياة الآخرة.
فالدين أداة لمعرفة الحقيقة والعلم أداة لمعرفة الحقيقة.

إذن نقول إن العلم والدين يواجهان الحقيقة من طرق مختلفة فالدين يعطي المعرفة عن طريق الوحي الإلهي مدركة ببصيرة خاصة، أو بفطرية خاصة.

على حين ينشد العلم المعرفة عن طريق البحث، والملاحظة، والعلم لا يحكم بصدق قضية إلا إذا خضعت لأسلوبه، وقام عليها البرهان ********.

ثانيا:إن الطرائق العلمية والدينية الباحثة عن الحقيقة ليست متعارضة، ولا ينفي بعضها بعضا
فإن الدين والعلم يعالجان حقيقة واحدة، غير أنهما يمثلان نواحي مختلفة .

ولعلنا في هذا السياق نتذكر ما قاله آينشتاين ذات يوم : العلم يخبرنا بما هو كائن، ولكن الوحي وحده هو الذي يخبرنا بما ينبغي أن يكون.

وهذه التفرقة التي ذكرها (آينشتاين) مهمة، وحقيقة واقعة لا جدال فيها فالعلم يصف ويحلل، والدين يأمر وقد يستطيع العلم أن يفيدنا ما هو الإنسان.. وكيف أصبح على ما هو عليه؟ ولكن الدين وحده هو الذي يخبرنا لم يعيش الإنسان؟ وعندا نترجم الكلام الفلسفي والنظري السلبق تطبيقا على ما ذكره القرآن الكريم نجد قوله سبحانه وتعالى في
وقال تعالى: أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لاَ تُرْجَعُونَ [سورة المؤمنون :أية 115] .
 تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ-سورة الملك اية 1-2 [] .

والدين وحده هو الذي يخبرنا إلى أية غاية يجب أن توجه حياة الإنسان ونخلص من هذا.. إلى أن التطور الفكري والبحث العلمي، لا يتعارضان مع الإسلام في شئ البتة.

والإسلام قد فسح مجال العلم للعقل الإنساني، وتعدى به أسوار الطبيعة وتغلغل به في أسرار الكون والحياة، ولم يقف به عند حدود الماديات الطبيعية، بل تعداها إلى كل شئ في الحياة، يفيد الإنسان، ويعود عليه بالسعادة ****** .

ثالثا :هذا الفهم المعمق للعلم والين والعلاقة بينهما لايدركه الداعشيون القدامي والجدد فجل ما يفهمونه هو ظاهر النص ،وياليته (كل النص) بل فقط ما يخدم على دعاويهم وفتاويهم الباطلة التي تبيح القتل والارهاب وذبح المسلمين قبل غير المسلمين في مخالفة صريحة لابسط قيم الاسلام وأسسه العادلة .

وواجبنا اليوم كنخب ومؤسسات عربية وإسلامية تدعي وصلا بقيم الاسلام وترفع لواءها ،وبعد أن هزمت داعش والقاعدة وأخواتهما في بلاد الشام وفي مصر ؛أن نبادر وبقوة لتصحيح المفاهيم المختلة التي حاولت تلك التنظيمات الارهابية إلصاقها بالاسلام وفي مقدمتها ،تلك الخصومة المفتعلة بين الدين والعلم .وفي ذلك فليتنافس المتنافسون .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.