السيد العادلي
– محمد الحمادي: سوريا واليمن وليبيا حالات صارخة في وضعها الإنساني والحقوقي وتضع المجتمع الدولي أمام مسؤولية أخلاقية كبيرة .
– تيريي فالي: هيئات وأجهزة الأمم المتحدة فشلت في تحقيق غايتها باليمن .
– محمد سيكرو: سوريا ليست ضمن أولويات النظام الدولي والأمم المتحدة .
– آية كاري: المصالح السياسية والأجندات الخاصة تقف في وجه اتخاذ قرارات فاعلة وقوية في ليبيا .
عقد مركز جسور إنترناشيونال للإعلام والتنمية ندوة دولية في جنيف ناقش فيها حالة السلام التي تعيشها العديد من الدول العربية، رغم استمرار جهود الأمم المتحدة المعنية بتحقيق الأمن والسلام لأكثر من عقد من الزمن.
وتناولت الندوة التي عقدت بنادي جنيف للصحافة جهود الأمم المتحدة في كلٍ من سوريا وليبيا واليمن، واستمرار حالة الحرب والصراع المسلح بهذه الدول في تأزيم جسيم لحالة حقوق الإنسان بتلك الدول، واستمرار فقدان الأمن والسلام والاستقرار بتلك الدول رغم استمرار عمل العديد من أجهزة وآليات الأمم المتحدة المعنية بتحقيق الأمن والسلام الدولي.
وافتتحت الندوة بكلمة الخبير في قضايا الشرق الأوسط ورئيس مركز جسور إنترناشيونال، محمد الحمادي، الذي أكد أهمية مناقشة جهود وإنجازات الأمم المتحدة المعنية بتحقيق الأمن والسلام الدولي، وتحديداً الحاجة إلى بحث كل الجوانب المتعلقة بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
وأشار رئيس مركز جسور إنترناشيونال إلى أن سوريا وليبيا واليمن حالات صارخة في وضعها الإنساني والحقوقي وتضع العالم والأمم المتحدة أمام مسؤولية أخلاقية كبيرة جداً، حيث يجب أن يعمل الجميع وأن تتضافر الجهود الأممية من أجل تحريك وإنهاء هذه الملفات في أسرع وقت.
وأكد الحمادي أن الأمم المتحدة انعكاس للدول وليست كياناً خاصاً، وقرارتها تنبع دائماً من مجلس الأمن، الذي يعكس بدوره تحرك الأمم المتحدة، مؤكداً أن هذا الكيان الذي أنشئ قبل تقريبا 75 عاماً، هدفه الأساسي هو نشر السلام والأمن في العالم، وأن تكون الشعوب قادرة على اتخاذ قرارها حتى تستطيع أن تحمي نفسها، وألّا تندلع الحروب وتتكرر المآسي كما حدث في منتصف القرن الماضي.
وأوضح أن التحدي الكبير الذي عاشه العالم منذ ذلك الوقت حتى اليوم يكمن في كيف تستطيع الأمم المتحدة أن تحقق أهدافها، مؤكداً أنّ الأمم المتحدة التي تعلّق عليها الشعوب آمالاً كبيرة ما زال دورها قاصراً ولم يصل إلى المستوى الذي نحتاج إليه.
وخلال الندوة تحدث السيد تيريي فالي، رئيس منظمة الجمعيات والشعب من أجل حرية التعبير، مستعرضاً الوضع الإنساني السيئ الذي يعيشه اليمن، وما يتعرض له المدنيون من انتهاكات وجرائم حرب أثرت على حياتهم وسلامتهم، وشدد على دور ورسالة الأمم المتحدة المتمثلة في تحقيق الغايات الرئيسية التي أنشئت من أجلها الأمم المتحدة، والتي يأتي في صدارتها حفظ الأمن والسلام الدولي.
وأكد فالي أهمية الدور الذي تلعبه هيئات وأجهزة الأمم المتحدة، لا سيما مجلس حقوق الإنسان، مستعرضاً القرارات التي أصدرها المجلس بشأن اليمن، والتي يمكن إدراك فشلها في تحقيق الغاية.
وأشار إلى أنه ورغم كثرة الاتفاقيات والتوافقات في اليمن، فإنّ عملية الالتزام بها دائماً مهددة وغير قابلة للصمود، مؤكداً أهمية التركيز على معاناة المدنيين في اليمن وضرورة توحيد الجهود والعمل لتحقيق الأمن والسلام هناك.
وشدد الدكتور محمد سيكرو، مؤسس ورئيس مركز دراسات السلام والمصالحة، في كلمته على أهمية البدء في عملية سلام ومصالحة فاعلة في سوريا، مشيراً إلى أن المجتمع الدولي لا يولي قضية السلام والمصالحة في سوريا اهتماماً كافياً، وأن سوريا ليست ضمن أولويات النظام الدولي والأمم المتحدة، معتبراً أن أحد أهم الأسباب التي تحول دون الوصول إلى سلام واستقرار في سوريا، هي كثرة المحاور والتجاذبات السياسية التي تحول دون تمتع المدنيين بحقهم في السلام والاستقرار والسلامة، وعدم اعتماد منهجية دولية موحدة معنية بتطبيق السلام وبناء آلية دولية موحدة لبناء وتعزيز السلام بالعالم، والوحدة الوطنية.
وأكد مؤسس ورئيس مركز دراسات السلام والمصالحة أهمية توحيد الجهود للانتقال السلمي لدولة المؤسسات والقانون، وأن يتم العمل بشراكة حقيقية مع كل أجهزة وآليات وهيئات الأمم المتحدة، محذراً من عملية السلام المفتوحة التي تسمح باستمرار معاناة المدنيين والانغماس أكثر في الصراعات والحروب.
واستعرضت آي كاري، الباحثة والمدافعة عن حقوق الإنسان، في كلمتها الوضع في ليبيا، حيث أكدت أن الحالة في ليبيا تعتبر مختلفة عن غيرها من الدول التي تعاني الحروب والصراعات المسلحة، فليبيا بلد يمتلك الكثير من الموارد والإمكانات التي يستطيع بها أن يكون واحداً من أكثر الدول تقدماً ونمواً.
وأشارت إلى أن المصالح السياسية والأجندات الخاصة تغلب على عمل الأمم المتحدة وهيئاتها وآلياتها في ليبيا، عدا عن افتقار الأمم المتحدة إلى الآليات الدولية القادرة على النفاذ والتأثير في عملية التغيير واتخاذ القرارات.
وأوضحت أن الأمم المتحدة لا تملك في الحقيقة آليات فاعلة وقوية لتنفيذ قراراتها أو التصدي للجهات والأنظمة التي تمارس الانتهاكات وترتكب الجرائم بحق المدنيين والشعوب، كما أنها تكون مجبرة أحياناً على التغاضي عن بعض النزاعات والصراعات التي تحدث بالعديد من دول العالم لأسباب عديدة تعود غالبيتها إلى مواقف الدول الكبرى ومقرراتها ومصالحها الدولية، وهو ما يعمّق من تلك النزاعات والصراعات ويعقد عملية الوصول إلى وضع حلول أو معالجات لها، وليبيا -مع الأسف الشديد- إحدى هذه الدول التي يحدد المجتمع الدولي مقارباته بشأنها بموجب ما يتحقق له من مصالح وغايات، كما أن الجماعات المسلحة والتيارات السياسية لها مصالحها وغاياتها التي تسعى إلى تحقيقها، وفي حالات كثيرة تتعارض تلك الغايات مع أهداف وغايات الأمم المتحدة.
وأشارت إلى أنه من المهم جداً لتحقيق السلام في ليبيا الاستمرار في العمل مع مختلف الأطراف والسعي أولاً لحماية الإنسان والحرص على بناء مستقبل أفضل له وأن يتم العمل بشراكة مع الأمم المتحدة لمساعدة المتضررين من الصراع المسلح الذي امتد طويلاً.