2 يونيو 2023 11:05 م

حرب أوكرانيا ..هل تسرع بغزو تايوان ؟

أرشيفية

المراقب : وحدة الدراسات

 

هل من رابط ما بين الغزو الصيني المحتمل لتايوان ، وبين الأزمة الروسية الأوكرانية ؟
إستراتيجيا تتقاطع الخطوط ، وتتشابك الخيوط ، بين الأزمتين ، فالصين لا تود لروسيا أن تهزم ، حتى لا تجد نفسها في مواجهة منفردة مع الولايات المتحدة ، بل تسعى للتوصل إلى حل سلمي للأزمة ، ولهذا قدمت رؤية من عدة نقاط مؤخرا لإنهاء الأزمة ، تستند فيها إلى ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي ، ولم تضف إليها شيئ مثير بعينه ينهي الأزمة ، وكأنها بذلك كانت تدفع الإتهامات التي تقول بأنها تساند موسكو .

من جانب أخر ، ليس من مصلحة الصين أن تتسع رقعة الصراع العسكري ، لأن ذلك بصورة أو بأخرى ، وعند مستوى سياسي وعسكري معين ، ستجد نفسها مدفوعة دفعا للشراكة مع روسيا في مواجهة أمريكا ، مما سيعطل مسيرتها الإقتصادية والعسكرية .

الذين لديهم علم من كتاب العسكرية الصينية ، يدركون أنها تفضل تاريخيا تحديد مكان وزمان معركتها ، لا أن تفرض عليها فرضا من قبل طرف أخر ، وبما يخدم مصالحه الإستراتيجية على المدى الطويل .
لكن على جانب أخر من التحليلات ، هناك من يرى أن الفرصة قد تكون سانحة للصين ، إذ تستغل إنشغال واشنطن في دعم أوكرانيا ، لتفتح جرحا جديدا في خاصرة الولايات المتحدة عبر حلفاءها في شرق أسيا .

يتساءل البعض هل يمكن أن يكون الغزو الصيني لتايوان “خطا إستراتيجيا ، كما الحال بالنسبة لروسيا في أوكرانيا ؟
يقدم لنا رئيس هيئة أركان الجيش الأمريكي الجنرال ،مارك ميلي “، جوابا من جهة أمريكا ، إذ حذر من تكرار الصين سيناريو روسيا ، معتبرأ أنه سيكون غير حكيم ، بل خطا جيوسياسيا ،خطا إستراتيجيا “.
طريقة تفكير ميلي ، تبدو قريبة جدا من عقلية مدير وكالة الإستخبارات المركزية وليام بيرنز ، إذ يصف الرئيس الصيني بينغ بأنه ” فاعل عقلاني “، على حد قوله ، ومضيفا :” أعتقد أنه يقيم الأمور على أساس الكلفة والفوائد والمخاطر ، وأعتقد أنه سيخلص إلى أن هجوما على تايوان في المستقبل القريب يحمل قدرا مفرطا من المخاطر ، وسينتهي بفشل إستراتيجي للجيش الصيني “.

هل الصينيون قادرون بالفعل على غزو تايوان بسهولة ، أم أن الأمر به الكثير من المصاعب والعقبات التي تجعلهم يفكرون مرارا قبل الإقدام على مثل هذه المغامرة العسكرية الكبيرة والخطيرة في الوقت عينه ؟
في أواخر نوفمبر تشرين الثاني المنصرم ، نشرت صحيفة اللوموند الفرنسية تقريرا مطولا للباحث الأمريكي ،”إيان إيستون “، من معهد ” بروجيكت 2049 “، قام فيه بتحليل وثائق داخلية للجيش الصيني توضح بالتفصيل العمليات المخطط لها ، وتوصل في نهاية تحليله إلى أن الغزو الذي يخطط له الحزب الشيوعي الصيني “لا مفر منه “.
بحسب ما اوردته اللوموند فإن هناك حالة من الهوس العسكري تسيطر على أذهان الصينيين ، ولذلك يحشدون ما بين 300 ألف ومليون جندي ، لإجتياح تايوان خلال اسبوعين وعبر ثلاث مراحل ..ماذا عن تلك المراحل ؟
بإختصار غير مخل ، تبدأ المرحلة الأول من خلال الحصار والقصف ، بعد هجمات إلكترونية تستهدف الإنترنت والإتصالات الحكومية التايوانية ، أما المرحلتان الثانية والثالثة فهما إنزال القوات البرمائية ، ومن ثم إحتلال الجزر القريبة من الساحل الصيني ، وتنتهي بتعميم القتال في الجزيرة ، من عند الجزر القريبة من البر الصيني ، وتتوج بإحتلال العاصمة وبقية البلاد.
هل هذا السيناريو صحيح بالمطلق ؟
المعروف أن الحرب على الورق ، تختلف كثيرا عن الحرب في الواقع ، والجيش الصيني لم يخض معارك منذ قتاله ضد الفيتناميين عام 1979 .
هنا يعود الجنرال ميلي ليكشف جانيا أخر من خطط الصين العسكرية ، إذ يؤكد أنه يمكن للجيش الصيني بسهولة مهاجمة تايوان بالقنابل والصواريخ ، الإ أن السيطرة الفعلية على الجزيرة الجبلية المكتظة بالسكان ستكون مهمة عسكرية صعبة للغاية ، معتبرا أن الصينيين ” سيلعبون لعبة خطيرة للغاية بعبور المضايق وغزو جزيرة تايوان ، كما أنه ليست لديهم الخبرة والخلفية للقيام بذلك .
هل ميلي على صواب ؟
يدرك جنرالات جيش التحرير الشعبي نقاط ضعفهم التشيغيلية ، مثل أوجه القصور اللوجستية في نقل مئات الالاف من الرجال عبر المضيق ، وصعوبة مشاركة قيادة المنطقة الشرقية في المعركة من دون تنبه تاييه ، خاصة أن ” الضباط الصينيين ليست لديهم معلومات إستخباراتية كافية عن تايوان “.
أضف إلى ذلك أن المناخ والجغرافيا الجبلية للجزيرة يشكلان عقبات رئيسية ، بسبب قلة الشواطئ التي يمكن الإنزال عليها بقوة كبيرة كافية للسيطرة على تاييه بسرعة ، هذا بجانب عوامل المد والجزر والأمطار والضباب في تايوان ، الأمر الذي يضع الصين أمام توقيتين بعينهما في العام ، من أواخر مارس إلى أواخر إبريل ، ومن أواخر سبتمبر إلى أواخر أكتوبر من كل عام .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.