امتلأت وسائل الاعلام ومواقع التواصل الاجتماعي في مصر بالحديث عن الشرطي المصري الذي قتل ثلاثه جنود إسرائيليين، وأصاب الرابع، وهلل الكثيرون له واعتبروه شهيدا، واطلقوا اسمه علي قاعه في احد النوادي الرياضيه، وقامت محطات التليفزيون المصريه بالحديث عن بطولته، وقيامه بمطارده المهربين، ثم قتله جنودا إسرائيليين، وفي جلسات الحوار الوطني تم الوقوف حدادا علي روح جورج إسحاق والمجند محمد صلاح، ثم ظهر خبراء عسكريين، بعضهم ترك الخدمه العسكريه وعمل في الحياه المدنيه منذ ثلاثون عاما ليشرح ظروف الحادث ويحلل احداثه، وصدر بيان من الجيش المصري يصف الحادث، ولكنه لم يتطرق الي تفاصيل، لان احترافيه الجيش تعلم انه يجب اجراء تحقيق أولا قبل إعطاء معلومه مفصله، وجري حديث تليفوني بين وزيري دفاع البلدين، وتحدث رئيس وزرائهم مع رئيس الجمهوريه.
اما وسائل التواصل الاجتماعي في مصر، فقد اشتعلت تأييدا لما قام به محمد صلاح، متأثرين بما يشاهدوه من احداث في الجامع الاقصي، وفي غزه والضفه الغربيه، وزادت نبره الكراهيه والرغبه في الانتقام من كل ما يلمس الجيش الإسرائيلي.وحدث استثناء من احدي ناشطات حقوق الانسان في مصر التي أعلنت رفضها لما قام به الشرطي المصري وانه عمل يضر بمصالح مصر، كما صرح المفكر السياسي مصطفي الفقي انه ليس سعيدا بتصرفات الجندي كما هو ليس سعيدا بتصرفات تل ابيب، وأضاف لانريد شيئا يعكر صفو المنطقه والتعايش المشترك مع الجانب الإسرائيلي وفي المقابل يطالب بحد ادني من احترام الحياه الطبيعيه للإنسان الفلسطيني.
هذا من الجانب المصري، اما الجانب الإسرائيلي فان البيانات الرسميه شحيحه، وغير البيان الرسمي الذي وصف الحادث، فان اهم ماصدر عن الحكومه الاسرائيليه هو الامر الصادر من رئيس الأركان، بضروره القيام بتحقيق شامل ووافي وبمشاركه مصريه وتقديمه قبل يوم الخميس القادم.
وللاطلاع عما يحدث في إسرائيل تجاه الحادث، فان الصحافه الاسرائيليه تتمتع بقدر كبير من الحريه، خاصه اذا ماتركت جانبا اعلام وسوشيال ميديا اليمين المتطرف، وكانت اهم النقاط التي تم تناولها هي كالآتي؛
– تفصيلات الحادث تم تناول تفاصيلها طبقا لما ردده شهود الحادث من جنود ومتابعين ومقربين من الجيش، وضباط سابقون خدموا في المنطقه للصحفيين.
– ان خط الحدود في هذه المنطقه تم بناء سور عليه بارتفاع ٦ امتار مركب عليه كاميرات واجهزه انذار وذلك في اتفاق تم بين رئيس الوزراء السابق أولمرت والرئيس مبارك.
– ان محمد صلاح عرف مكان احد الأبواب علي السور، وهي أبواب مخصصه لاعمال الصيانه، وقام بفتحه بسهوله، وهذا الباب من المفروض ان يكون مغلقا بطريقه آمنه يصعب كسرها، ولكنه كان مغلقا برباط سلك سهل القص، وهو ماقام به محمد صلاح، وان هذا كان خطأ كبير واهمال يجري التحقيق به في الجيش الإسرائيلي.
– بعد دخول محمد صلاح ظهر في برج المراقبه الإسرائيلي انذار بفتح الباب، فنزل الجنديان شاب وفتاه لاستطلاع الامر، ووجدوا الباب مفتوحا فعلا، فقررا العوده الي برج المراقبه لابلاغ القياده، ،ولكن محمد صلاح باغتهما في طريق العوده بوابل من النيران، فقضي عليهما. وكان ذلك بين السادسه والسابعه صباحا، وبعدها لم يغادر المكان، ولم يعد الي مكانه، بل قام بحفر خندق صغير، ووضع له حاجز من الحجاره كساتر بسيط ليحمي نفسه.
– بعد مرور عده ساعات وصل ضابط وجنود حوالي العاشره صباحا لاستطلاع سبب عدم رد الجندي والجنديه علي اجهزه الاتصال، ولكنهما اكتشفا اختفائهما، وهنا يآتي الخطآ الإسرائيلي الثاني، وهو ان برج المراقبه يجب ان يرسل اشاره كل نصف ساعه الي قيادته، ورغم مرور حوالي ٤ ساعات دون السماع منهم، لم يتحرك احد، ويجري الجيش الإسرائيلي تحقيقا في هذا التقصير، ذهب الجنود للبحث عن زملائهم، ففوجئوا بموتهم، فنظموا دوريه للبحث عن السبب، وهنا جاء الاشتباك الثاني، حيث قتل محمد صلاح الجندي الثالث، وأصاب الرابع حتي استطاعوا ارداءه قتيلا.
– احد كبار قاده الجيش الإسرائيلي سابقا افاد، بان منطقه الحدود مع مصر صعبه من الناحيه الطبوغرافية، حيث تكثر المرتفعات والمنخفضات والهضاب، فيصعب استعمال اجهزه الووكي توكي، وان إسرائيل كواحدة من اكبر الدول في مجال التكنولوجيا والاتصال، كان ينبغي ان توفر وسيله تواصل سهله بين الجنود وقيادتهم.
– نشرت بعض المواقع ان الحدود مع مصر تحتاج الي توافق اكبر بين اجهزه الشرطه في البلدين، للحد من اعمال التهريب، التي يقوم بها البدو من الجانبين، خاصه وان القبائل يعيش جزء منها في إسرائيل، وجزء في مصر، وان عمليه التهريب تأخذ دقائق، حيث يحضر المهربون في سياره دفع رباعي الي السور العازل، يضعون سلما، ويقوموا بالقاء البضاعه المهربة الي الجانب الاخر، ليأتي فريق آخر لالتقاطها، وان مواجهه هذا الامر الذي يقوم به مدنيون، يحتاج الي نشاط شرطه ومباحث، وليس جيوشا والتي لا تهتم الا بوقف تهريب الاسلحه.
– ان هناك حادث تهريب قيمته حوالي ١٠ مليون جنيه مخدرات تم الإبلاغ عنه واحباطه من قوات حرس الحدود الإسرائيلي قبل الحادث مباشره.
– ركز عدد كبير من وسائل الاعلام علي ان بيان الجيش المصري ذكر ان الجندي توفي، ولم يستخدم كلمه استشهد، كما تم التركيز أيضا علي ان رئيس الجمهوريه قدم العزاء لرئيس الوزراء الإسرائيلي.
– طلب الكثير من المعلقين البحث في سبب الحادث، لان محمد صلاح ليس جندي بالجيش المصري، وانما هو شرطي بالامن المركزي، وحتي لو كان هناك مهربين فهو خالف أوامر قيادته، حيث انه غير مصرح له بمتابعه المهربين فوق ارض إسرائيل، وغير مصرح له بفتح أبواب الحدود، كما انه غير مصرح له باطلاق النار الا قبل اخطار قيادته، والتي بدورها تأخذ اذنا من امانه وزاره الدفاع المصريه وهو امر لم يحدث.
– قامت بعض المواقع بالتذكير بان جيش الدفاع الإسرائيلي وقف بجانب مصر في حربها علي الإرهاب في سيناء، سواء بتبادل المعلومات الاستخباراتيه، او تعديل اتفاقيه كامب ديفيد، بما يسمح بدخول قوات الجيش وباسلحتها الثقيله حتي آخر نقاط الحدود، وحريه عمل الطيران الحربي المصري، وان التواصل بين وزارتي الدفاع بالبلدين ممتاز ولا غبار عليه، وانه تم التنسيق الفوري لوصول ضباط مصريين في طائره هليكوبتر لمكان الحادث، واطلعا علي كافه التفاصيل للوصول الي دوافع الحادث ومنع تكراره.
– كتب الصحفيون ان رئيس الوزراء مكلف بالرد علي أمهات الجنود الذين ماتوا عن أسباب الحادث ولمذا لم يتم مواجهته بالسرعه المطلوبه.
في النهايه الحكومتان المصريه والاسرائيليه متفقتان علي عدم فتح جبهه صراع علي الحدود بين البلدين وان هذا امرا انتهي منذ عقود ولا عوده فيه، ولهذا سيتم في هدوء استيعاب الحادث وبذل الجهود لعدم تكراره.
هذه هي تداعيات الحادث، وكيف تم تناولها من الجانبين، ولكن لم تظهر بعد أسبابه، وهل هو حادث فردي ام وراءه ابعاد اخري، سنعرف ذلك من البيان المرتقب لقياده الجيش المصري بعد انتهاء التحقيقات.