أخبار عاجلة

دراسة للمراقب.. لماذا تدعم أميركا إسرائيل؟

خاص –

يتساءل القارئ عن شكل العلاقة بين أميركا واسرائيل سيما في ظل الحرب الاخيرة على غزة، وهل هذا الرباط القوي سببه فقط وليد قيام الإتحاد السوفيتي وحاجة أميركا لقاعدة في الشرق الأوسط ،عبر عنها روبرت كيندي جونيور بأنها حاملة طائرات أميركية ثابتة، ولتأمين منابع النفط، ولاحقا لمواجهة ما أصطلح عليه زورا ” الإرهاب الإسلامي ” بمطلقية المفهوم ، أم أن هذا الدعم سابق لكل هذه المبررات ؟
دعونا نعود لمراجعة أضابير تاريخ الجناح السياسي الثاني داخل الولايات المتحدة ، أي الكونجرس ، ففي وقت الرئيس ويلسون أخذ على عاتقه أن يباري مؤسسة الرئاسة بشكل مذهل في تشجيع بلفور ، والدفع إلى الأمام لإقامة دولة إسرائيل .
نقرا فر مؤلف الكاتب الأميركي ” روبرت فنك” ، المشنور عام 1919 في نيويورك والمعنون ” حرب الكونجرس الأميركي الصهيوني “، عن إحصائيات قامت بها المنظمة الصهيونية في يونيو 1918 ، حول موقف الكونجرس من الوعد ، وجاءت النتيجة موافقة كاسحة من الغرفتين الأعلى الشيوخ، والأدنى النواب ،على دعم وعد بلفور ، ولم يكن هناك أي خلاف بين الجمهوريين والديمقراطيين .
ولعل الأمر اللافت للنظر وقتها ، هو أن تلك الموافقات لم تكن تحت أي ضغط مالي أو دعائي إنتخابي، مما يعني أنها قيم راسخة متجذرة في نفوس من وافق على قيام وطن يهودي في فلسطين ، راسخة بشكل مطلق عقدي، لا بشكل نسبي سياسي .
في كتاب فنك ، نجد إجابات أعضاء الكونجرس الأميركي تتسق مع توجهات الحركة الصهيونية في مظهرها ومخبرها، فقد كانت صهيونية في أسلوبها ومضمونها ، سيما أن جميعهم تقريبا استشهدوا بآيات توراتية تشير إلى حتمية عودة اليهود إلى فلطسين كأمة وشعب ورسالة ، بحسب المفهوم الكتابي للعهد القديم .
أما الأكثر إثارة فإن أعضاء الكونجرس غالوا في طلباتهم ، ولم يتوقفوا فقط عند حدود الموافقة على وعد بلفور، بل توجهوا بطلب لرئيس الولايات المتحدة للقيام بعمل ينسجم مع الوعد عينه .
ينشر ” فنك ” هذا النص في كتابه ليدلل على التوافق الأميركي في الكونجرس، مع مقررات ومقدرات حركة هيرتزل ، وفيه يقول أعضاء الكونجرس في رسالتهم للرئيس ويلسون :” إنه كما خلص موسى الإسرائيليين من العبودية ، فإن الحلفاء الآن يخلصون يهوذا من أيدي الأتراك القبيحين ، وهي الخاتمة الملائمة لهذه الحرب العالمية “.
كانت الحرب العالمية الأولى لم تحط رحالها بعد، كما أن الدولة العثمانية كانت بدورها هي من يضع يده على فلسطين قبل الإنتداب البريطاني ، وبين ثنايا الكلمات تظهر توجهات لا تغيب عن ناظري من يقرأ .
النص المتقدم مغرق في راديكاليته، وهو ما يتبدى في الجزء بقيته حيث نقرأ:” أن يهوذا ( كناية عن دولة إسرائيل ) يجب أن تقوم كأمة مستقلة ، وتكون لها القوة لتحكم نفسها وتتقدم وتكمل مثاليتها في الحياة.
والثابت أنه من العام 1918 حتى العام 1922، كان السباق على أشده بين مجلس الشيوخ ومجلس النواب لتاييد قيام دولة إسرائيل .
على سبيل المثال في يونيو من عام 192 ، قرر مجلس الشيوخ الأميركي ” إن الولايات المتحدة الأميركية تحبذ إقامة وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين ، طبقا للشروط التي يتضمنها وعد بلفور “.
في ذلك التوقيت ، كان رئيس لجنة العلاقات الخارجية المعروف السيناتور الجهوري ” هنري كابوت لودج” ، من ولية ماساشوستس ، معقل الفكر الأصولي اليميني الصهيوني ، هو القوة الدافعة لهذا القرار ، وهي وقوة تحمل بذور العداء الديني أيضأ لسكان البلاد الفلسطينيين الأصليين بوصفهم ” محمديين ” على حد قوله ، أي مسلمين، وهو ما أتضح من ملحظات له يقول فيها في خطاب ألقاه في بوسطن من ذات العام ما يلي:
” يبدو لي أنه أمر مناسب وجدير بالثناء ، أن يرغب الشعب اليهودي في كل أنحاء العالم أن يكون هناك وطن قومي لافراد جنسه الراغبين في العودة إلى الأرض التي كانت مهدا لهم، والتي عاشوا وجهدوا فيها آلاف السنوات “.
ويكمل ” إنني لم أحتمل أبدا فكرة وقوع القدس وفلسطين تحت سيطرة المحمديين، إن بقاء القدس وفلسطين بالنسبة لليهود ، والأرض المقدسة بالمسبة لكل الأمم المسيحية الكبرى في الغرب في أيدي الأتراك ، كان يبدو لي لسنوات طويلة وكأنه لطخة في جبين الحضارة ومن الواجب إزالتها “.
وفي 30 يونيو عام 1922 ، حذا مجلس النواب حذو مجلس الشيوخ ، فاصدر بدوره قرارا مشابها تبناه عضو الكونجرس “هاملتون فشر” ، جاي فيه ما يلي :” حيث أن الشعب اليهودي كان يعتقد لقرون طويلة ويتشوق لإعادة بناء وطنه القديم ، وبسبب ما تمخضت عنه الحرب العالمية ، ودور اليهود فيها ، فيجب أن يمكّن الشعب اليهودي من إعادة إنشاء وتنظيم وطن قومي في أرض آبائه ، مما يتيح لبيت إسرائيل فرصته التي حرم منها لفترة طويلة ، وهي إعادة تأسيس حياة يهودية وثقافة مثمرة في أرض اليهودية القديمة”.
المؤكد أن السطور التقدمة غيض من فيض ، يبدأ من عند جورج واشنطن وتوماس جيفرسون وغيرهم من الآباء المؤسسين، ويصل بهم إلى ليند بنز جونسون ، ودونالد ترامب ، ثم جوزيف بايدن .
لا جديد تحت سمش السماوات الأميركية، تجاه القضية الفلسطينية ، طالما بقيت النظرة إلى الحركة الفكرية الصهيونية، كأداة تتجلى من خلالها معالم وملامح ثيؤولوجيات يلوى فيها ذراع النص ، وتفسر على حسب هوى البعض ، دون البعض الأخر ، مما يجعل من العلاقات الأميركية الإسرائيلية قصة أخرى حول العالم .

 

 

 

عن سيد العادلى

شاهد أيضاً

نزوح 115 ألف شخص.. والفصائل السورية المسلحة: مدينة حماة هدفنا القادم

متابعات – خارجي أكدت الفصائل السورية المسلحة، مساء اليوم الأربعاء، أن قواتها وصلت إلى الأطراف …

اترك تعليقاً