توفي إلى رحمة الله، صباح اليوم الاثنين، الموافق 25 مارس 2024، الأستاذ نوري عبد الرزاق حسين، سكرتير عام المنظمة، عن عمر يناهر التاسعة والثمانين.
وذلك بعد حياة حافة بالنضال والكفاح من أجل استقلال وحرية العراق، وشعوب دول آسيا وأفريقيا.
والفقيد الراحل مفكر وسياسي ومناضل عراقي، وعروبي، آمن بقضية تضامن الشعوب الأفريقية والآسيوية، وقضى معظم سني عمره في الدفاع عنها.
وتولى السكرتارية العامة لمنظمة تضامن الشعوب الأفريقية الآسيوية منذ إنشائها في عام 1958، حتى الآن.
شارك نوري عبد الرزاق، في مطلع الشباب، في كفاح أبناء العراق ضد الاحتلال الأجنبي، غير آبهٍ بالسجون والمعتقلات، والملاحقات الأمنية، وانتمى إلى حزب سرّي لفترة من الزمن في بدايات انخراطه في العمل السياسي.
في هذه الأجواء نشأ نوري وتبلور وعيه الأول، وبدأت ملامح شخصيته تتكون، خصوصًا وأن ميله للقراءة وانفتاحه على الآخر جعل منه شخصية عامة.
ومنذ حماسته الشبابية الأولى ومشاركته في المظاهرات وتعرّضه للاعتقال، كان توجّهه وسطيًا اعتداليًا منفتحًا على الآخر، على الرغم من أجواء التعصّب والتطرّف السائدة على المستوى السياسي آنذاك، فربما كانت الحاجة إلى الحريات والدعوة إلى التحرر من ربقة الاستعمار البريطاني هي المحرّك الأساسي.
تعزّزت هذه الشخصيّة خلال عمله في الخارج بعد ذهابه للدراسة في بريطانيا، حيث شارك في الحركة الطلابية امتدادًا لنشاطه في العراق، وأصبح أحد أبرز وجوهها في الخارج.
وحين تم فصله بسبب موقفه من حلف بغداد عام 1955، جاء إلى القاهرة بعد محطة دمشق لفترة قصيرة، حيث أقام العديد من الصداقات والعلاقات مع القوى المصرية اليسارية والقومية، وكان أحد شباب الحركة الوطنية، بل إنه كان أحد مرجعيات الحزب الشيوعي المقيمة في الخارج والوثيقة الصلة بالداخل من جهة، وبالتيارات العربية وأحزابها المختلفة من جهة أخرى.
ومنذ عام 1956 توطدت علاقته مع الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، وظلّت على هذا المنوال حتى ما قبل رحيل “أبو عمّار” بأيام.
كما أقام علاقات وطيدة مع منظمة التضامن الأفريقية الآسيوية التي تأسست عام 1957 في القاهرة، وتولّى منصب السكرتير العام فيها بعد عقدين ونيّف من الزمن.
وفي مهرجان الشباب والطلاب الذي عُقد في موسكو عام 1957، كان أحد الوجوه الأساسية المنظِّمة لمشاركة الوفد العراقي فيه.
وفي القاهرة أصدر كتابًا عن “تيارات الحركة الوطنية في العراق”، ظل يُعتبر مرجعًا حيويًا لتلك الفترة الزمنية، وفيه تحليلات دقيقة لاتجاهاتها وتوجّهاتها يومئذٍ في العراق الملكي.
وكان للأستاذ نوري دور كبير في تأسيس جبهة الاتحاد الوطني عام 1957، والتي ساهمت في التحضير لثورة 14 يوليو 1958.
وخلال سنوات دراسته في لندن، تعزّزت علاقاته مع الحزب الشيوعي البريطاني، وتعمّقت ثقافته وصُقلت شخصيته الجامعة المنفتحة العلنية.
وبعد الثورة وعودته إلى العراق، كان أحد أبرز الكوادر الشبابية في الحزب، لذلك تمّ اختياره رئيسًا لاتحاد الشبيبة الديمقراطي العراقي في مؤتمره الأول، فقابل الزعيم عبد الكريم قاسم أكثر من مرة، كما ترأس وفودًا عديدة واستقبل شخصيات عالمية.
وقد عرض عليه بليكان رئيس اتحاد الطلاب العالمي في عام 1960 أن يتولى منصب الأمين العام للاتحاد لمعرفته بكفاءاته وقدراته الفكرية والعملية.
وكان نوري هو من ساهم في إقناع اتحاد الطلاب العالمي بعقد المؤتمر السادس في بغداد، ووافقت قيادة الحزب (وأوكلت تلك المهمة الكبيرة إليه، والتي شغلها منذ 1960 إلى 1968)، حيث تقرر بعدها عودته إلى بغداد التي وصلها عام 1969، وشرع حينها بالعمل في ميدان العلاقات، إضافةً إلى عمله في مجلّة “الثقافة الجديدة”.