إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس الذي تم اغتياله في إيران اليوم الأربعاء، كان يوصف بأنه الوجه المتشدد للدبلوماسية الدولية للحركة الفلسطينية مع اشتعال الحرب في غزة، حيث استشهد ثلاثة من أبنائه في غارة إسرائيلية.
وبالرغم من ذلك، بحسب تقرير نشرته وكالة “رويترز” للأنباء في نسختها الإنجليزية، كان يعتبره العديد من الدبلوماسيين شخصية وسطية مقارنة بالأعضاء الأكثر تشدداً بالحركة الآخرين.
وشغل هنية المنصب القيادي في حماس عام 2017، وتنقل بين تركيا وقطر، متفادياً قيود السفر التي يفرضها حصار غزة، الأمر الذي مكنه من العمل مفاوضا في محادثات وقف إطلاق النار أو إجراء مناقشات مع إيران.
وفي مايو، طلب مكتب المدعي العام بالمحكمة الجنائية الدولية إصدار مذكرات اعتقال لثلاثة من قيادات حماس، بينهم هنية، إلى جانب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بتهمة ارتكاب جرائم حرب.
ودعا ميثاق تأسيس حماس عام 1988 لتدمير إسرائيل، غير أن قادة الحركة في بعض الأحيان عرضوا هدنة طويلة الأمد مع تل أبيب مقابل دولة فلسطينية على جميع الأراضي الفلسطينية التي احتلتها إسرائيل في حرب 1967. لكن إسرائيل تعتبر الأمر خدعة.
وأرسلت حماس كذلك انتحاريين إلى إسرائيلي في التسعينيات والألفينيات. وفي عام 2012، عندما سألته “رويترز” عما إذا كانت حماس قد تخلت عن النضال، رد هنية بالقول: “بالطبع لا”، مضيفاً أن المقاومة ستستمر “في جميع أشكالها – المقاومة الشعبية والسياسية والدبلوماسية والعسكرية”.
واستشهد ثلاثة من أبناء هنية – حازم وأمير ومحمد – في 10 أبريل الماضي عندما استهدفت غارة إسرائيلية السيارة التي كانوا يقودونها. كما فقد هنية أربعة من أحفاده، ثلاث فتيات وصبي، في الهجوم، بحسب حماس.
ونفى هنية الادعاءات الإسرائيلية بأن أبنائه كانوا مقاتلين في صفوف الحركة، قائلاً إن “مصالح الشعب الفلسطيني تأتي قبل كل شيء”، رداً على سؤاله عما إذا كان استشهاد أبنائه سيؤثر على محادثات الهدنة.
وبالرغم من اللهجة المتشددة علانية، اعتبره دبلوماسيون ومسئولون عرب عملياً نسبياً مقارنة مع الأصوات الأكثر تشدداً داخل غزة.
وفي حين هدد جيش الاحتلال الإسرائيلي بأنهم سيجدون أنفسهم “يغرقون في رمال غزة”، أجرى وسلفه خالد مشعل جولات مكوكية في شتى أنحاء المنطقة من أجل المحادثات بشأن اتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل الذي من شأنه أن يتضمن تبادل المحتجزين مقابل الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية إلى جانب إدخال المزيد من المساعدات إلى غزة.
وفقاً لـ”رويترز”، لم يتضح بعد مدى معرفة هنية مسبقا بهجوم السابع من أكتوبر. وكانت الخطة، التي وضعها المجلس العسكري لحماس في غزة، تكتنفها السرية لدرجة أن بعض مسؤولي حماس بدوا مصدومين من توقيتها وحجمها.
مع ذلك، لعب هنية دوراً كبيرا في بناء قدرات حماس القتالية، جزئياً من خلال تطبيع العلاقات مع إيران، التي لم تخف دعمها للحركة.
وخلال العشر سنوات التي شغل فيها هنية منصب القيادي الكبير لحماس في غزة، زعمت إسرائيل أن فريق قيادته يساعد في نقل المساعدات الإنسانية إلى الجناح العسكري للحركة. لكن حماس نفت الأمر.
عندما غادر غزة عام 2017، خلف هنية القيادي يحيي السنوار، وهو متشدد أمضى أكثر من عقدين زمنيين في السجون الإسرائيل والذي استقبله هنية في غزة عام 2011 بعد تبادل للأسرى.
وقبل اغتياله، قال أديب زيادة، المتخصص في الشئون الفلسطينية بجامعة قطر إن “هنية يقود المعركة السياسية لحماس مع الحكومات العربية، مضيفا أنه جمعته روابط وثيقة مع الشخصيات الأكثر تشددا في الحركة والجناح العسكري، مشيرا إلى أنه “الوجهة السياسية والدبلوماسية لحماس”.
وكان هنية قد سافر مطلع نوفمبر إلى طهران للقاء المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي. وقال ثلاثة مسئولين بارزين لـ”رويترز” إن خامنئي قال للقيادي في حماس إن إيران لن تدخل الحرب بعد أن لم يتم إخباره بها مسبقا.
وعندما كان شاباً، كان هنية ناشطاً طلابيا في الجامعة الإسلامية في غزة. وانضم إلى حماس عند تأسيسها في الانتفاضة الفلسطينية الأولى عام 1987. وجرى اعتقاله وترحيله لفترة وجيزة.
وأصبح هنية تلميذاً لمؤسس حماس الشيخ أحمد ياسين. وفي عام 1994، قال لـ”رويترز” إن ياسين كان قدوة للفلسطينيين الشباب.
وكان هنية مناصراً لدخول حماس عالم السياسة. وفي عام 1994، قالت إن تشكيل حزباً سياسيا “سيمكن حماس من التعامل مع التطورات الناشئة”.
وفي البداية عرقلتها قيادة حماس، ثم لاحقاً وافقت عليها وأصبح هنية رئيساً لوزراء فلسطين بعد فوز المجموعة في الانتخابات البرلمانية الفلسطينية في عام 2006، بعد عام من انسحاب الجيش الإسرائيلي من غزة. وسيطرت الجماعة على غزة في عام 2007.