أخبار عاجلة

الكرة الأرضية … موعد مع الإنفجار بعد الغليان… دراسة

أرشيفية

وحدة الدراسات 

من الولايات المتحدة غربا، حيث الحرائق بدأت وبقوة تجتاح الغابات في غرب البلاد، وكاليفورنيا  بنوع خاص،  إلى  روسيا شرقا التي لم تشهد درجات جرارة  تجاوزن الثلاثين درجة مئوية ، منث مائتي عام ،  ومن أقصى  الدول الواقعة شمالا  في إسكندنافيا، وصولا إلى جنوب إفريقيا، بات البشر يتساءلون عن صيف 2024 البالغ  الشدة،  وعن مستقبل الكوكب وهل سنرى درجات حرارة  أكثر إرتفاعا في قادم الأيام مما هو الحال حاليا ؟

الثابت أنه في سجلات تاريخ البشرية، ميزت نبضات خفية  ، ولكن لا هوادة فيها  تاثيرنا البشري  على الأرض. منذ بزوغ فجر الثورة الصناعية  في عام 1850 ،أرتفعت  درجة حرارة كوكبنا  بشكل مطرد كل عام ، مع تصاعد المعتدل ثلاث مرات منذ  عام 1982. وبحلول عام 2050 ، يقدر الخبراء أننا سنشهد إرتفاعا  في متوسط درجة الحرارة  بمقدار 2.7 درجة  مئوية ، وسلسلة من التداعيات البيئية .

لقد ترك عام 2023  بصمته النارية بإعتباره العام الأكثر سخونة  على الإطلاق ، قبل أن يهل علينا صيف عام 2024 ، حيث تشير التوقعات إلى درجات حرارة أشد في المناطق التي عرفت بأنها بادرة مثل الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا، وروسيا ، أما الدول الحارة أصلا  مثل الشرق الأوسط والخليج العربي، والقارتين الإفريقية  وأميركا اللاتينية، فهم على  موعد من نوع أخر من الغليان الفعلي لا المجازي .

هل سيكون صيف 2024 هو الأعلى في تاريخ البشرية؟

من غير المرجح ذلك، والمتوقع المزيد من المواسم الصيفية وربما الشتوية  الأكثر حرارة ، وعليه فقد بات من المؤكد  أن تجتاح موجات لهيب  أرجاء مختلفة  من الأرض .

خلال شهر مايو أيار الماضي،قالت خدمة ” كوبرنيكوس” الخاصة بتغير المناخ والتابعة للإتحاد الأوروبي، إن حرار الشهر الخامس من العام  تعني أننا  شهدنا الآن 12 شهرا متتاليا من درجات الحرارة العالمية القاسية ، وفقا  لسجلات تعود إلى عام 1940. ليس الهواء فقط هو الأكثر سخونة،فقد سجلت  درجات حرارة  سطح البحر في مايو 14 شهرا  متتاليا من الدفء”.

في هذا  السياق تقول ” سامنتا بيرجيس”، نائب مدير الخدمة  السابق الإشارة إليها، أنه :” إذا أختارت  البشرية  الإستمرار في إضافة  الغازات الدفيئة  إلى الغلاف الجوي،  فسيبدو  عام 2023 و عام 2024، كأنها أعوام باردة ،مقارنة بما سنراه لاحقا “.

والثابت كذلك أنه في يناير كانون الثاني الماضي،  افادت  خدمة  الإتحاد الأوروبي للتغير المناخي أن عام 2023 كان العام الأكثر سخونة على الإطلاق  للفترة الممتدة  إلى عام 1850 ، فقد أقتربت  درجات الحرارة من الإرتفاع الحرج بمقدار 1.5 درجة  مئوية فوق مستويات ما قبل الصناعة . وبعد ذلك سنرى أضرارا لا رجعة فيها  على الكوكب . هذه ليست  حالات شاذة، بل إن الحرارة  الشديدة التي نشهدها  هي شيء يجب أن نكون مستعدين للتعامل معه بشكل كثر أنتظاما ، جنبا إلى جنب مع العواصف والفيضانات والجفاف.

هل ينبغي على  سكان كوكب الأزرق الإستعداد لهذه التغيرات المناخية  المخيفة القائمة  والقادمة؟

يبدو هذا هو السؤال المخيف الذي يتوجب الإنتباه له ،  سيما أنه ستكون هناك حاجة إلى الإستعداد السريع جدا لمواجهة الأهوال القادمة،  فالطقس المتطرف سوف يخلف تاثيرا  واسع النطاق  على  الصناعة والمجتمع  والأفراد،  ففي العام الماضي شهدت الولايات المتحدة  25 حدثا  متطرفا ، بلغت خسائرها أكثر من مليار دولار ، مما أسفر عن وفاة  464 شخصا  . فقد الناس منازلهم، وشاهدوا ممتلكاتهم الشخصية تتضرر ، أو عانوا  من مشاكل صحية  عقلية  وجسدية.

قد لا يفرق الطقس بين الأشخاص الذين يتاثرون به،  ولكن هذا لا يعني أن جميع الفئات حول العالم تتاثر به على  قدم المساواة ، ذلك أن مجموعات معينة هي ببساطة  أكثر عرضة  للأحداث المتطرفة  بسبب العوامل الجغرافية  أو الإجتماعية  أو الاقتصادية  أو الديموغرافية .

عندما تضرب موجة  حر ، فإن الشعور بالحرارة  سيكون أعلى   في البيئات الحضرية  ذات الكثافة  السكانية العالية ، والتي من المرجح أن يسكنها  اشخاص من ذوي البشرة الملونة  أو الأشخاص الذين يعيشون  في فقر مقارنة  بالأحياء  الأكثر إتساعا أو المناطق الريفية ، ثم يصبح البعض بلا مأوى  ولا يمكنهم الحصول على  الرعاية  الصحية،  لديهم قدرة ضئيلة   على حماية أنفسهم، بغض النظر عن مقدار  التحذير الذي يتلقونه  بشأن موجة  حر قادمة ، وهذا يجعل  هذه الفئات أكثر عرضة  للمخاطر الصحية  الناجمة  عن الحرارة  الشديدة.

يقول ” راسل فوز “،  رئيس فرع  الرصد والتقييم في المراكز الوطنية للمعلومات البيئية التابعة  للإدارة  الوطنية للمحيطات والغلاف الجويإن الباحثين   في مجال الحرارة  يشعرون بقلق بالغ  إزاء  الأشخاص الذين  يعيشون في مساكن لا تقاوم درجات الحرارة المرتفعة ، مشيرا إلى أن المستأجرين معرضون  للخطر بشكل خاص ،  فغذا كنت  مستأجرا  ، فإن قدرتك على  تكييف منزلك مع الحرارة  الشديدة أقل  مما لو كنت  مالكا للمنزل ، وهذا يعني أيضا الأسر الشابة ، لأن الأطفال معرضون لخطر الحرارة  الشديدة.

أحد الأسئلة المثيرة  :” هل تغيرات الطقس وإرتفاع درجة حرارة الأرض تعمق من حالة اللامساواة المجتمعية حول العالم ؟

مؤكد أن ذلك كذلك، فالمستويات المرتفعة الدخول ماديا، ستكون لديها  القدرة على  مواجهة ومجابهة  سخونة الجو، بأكثر من المجتمعات الفقيرة، وهذا يعني أن الدول الغنية  ستضحى  أقل تاثرا من الدول الفقيرة،  الأمر الذي يقودنا إلى  فكرة  النفاق المجتمعي فيما يخص مواجهة التغيرات المناخية ..ماذا عن هذا ؟

لعل المتابع  لمؤتمرات الأمم المتحدة الأخيرة  الخاصة للتغير المناخي، بدءا بنوع خاص من مؤتمر غلاسكو  2021،  وشرم الشيخ 2022، وأبوظبي 2023، يمكنه أن يقطع  بدون أدنى  تردد بأن القادة العالميين ، يعيشون حالة من النفاق المناخي أن جاز التعبير، لا سيما القيادات السياسية للدول العظمى، والذين يقولون ما يفعلون، ويعدون بما لا يوفون .

أحد أفضل العقول الذي كشف حالة النفاق المناخي حول العالم ، البروفيسور ” جاياتي غوش “، أستاذ الاقصتاد في جامعة مساشوستس أمهرست ، وهو عضو لجنة الاقتصاد التحويلي التابعة لنادي روما.

يقطع غوش بأن الملايين حول العالم يعتبرون بالفعل مؤتمرات الأمم المتحدة لمواجهة التغيرات المناخية، مخيبة للآملال ،   ويلقي باللوم على قيادات تلك الدول، بل يتهمهم بأنهم عاجزين عن  إدراك خطورة  التحدي المناخي ، ورغم أنهم يعترفون بخطورة  الأمر وإلحاحه في خطاباتهم ، فإنهم في الأغلب  يسعون إلى  تحقيق  مصالح وطنية قصيرة  الأجل ، ويقدمون  تعهدات بعيدة المنال  بخفض الإنبعاثات إلى الصفر  من دون إلتزامات  واضحة  وفورية  بالعمل .

ولعل الأمر الأكثر سوءا  هو أن تصريحات العديد من زعماء الدول الغنية ، في المؤتمرات الأممية الثلاث الماضية ،  جاءت تصريحاتهم  متعارضة مع  إستراتيجياتهم المناخية الفعلية ، ومع ما يقولونه في مناسبات أخرى . وعلى هذا  ، ففي حين  أصدر زعماء  مجموعة  الدول السبع  في قمة جلاسكو على  سبيل المثال  إلاتزامات خضراء ، ومع أنها في حد ذاتها، مخيبة للآمال ، إلا  أنه ورغم ذلك  لم يضعوا القليل الذي تعهدوا به موضع التنفيذ،  ذلك أنهم كانوا مشغولين  بالسماح وتمكين  المزيد من الإستثمار في الوقود الأحفوري  الذي من شأنه أن يولد إنتاجا إضافيا وإنبعاث غازات الإحتباس  الحراري في الأمد المتوسط .

يعطي ” جاياتي غوش ” مثالا  على النفاق من خلال مراجعة  تصرفات وتصريحات الولايات المتحدة الأميركية  ، حيث يتساءل :” هل تستطيع  الحكومة الأميركية  الحقيقية  أن تقف وتعلن موقفها الحقيقي من أزمة المناخ ؟

في خطابه  في جلاسكو ، قال الرئيس جو بايدن  :” في حين تشهد التقلبات الحالية في أسعار الطاقة ، بلدا  من أعتبارها  سببا للتراجع  عن أهدافنا  المتعلقة بالطاقة  النظيفة ، يتعين علينا أن ننظر إليها بإعتبارها  دعوة إلى العمل “.  والواقع  أن ” أسعار الطاقة المرتفعة لا تؤدي إلا إلى  تعزيز الحاجة الملحة  إلى تنويع  المصادر،  ومضاعفة  الجهود لنشر الطاقة  النظيفة  ، وتبني تقنيات الطاقة النظيفة  الجديدة الواعدة”.

هل كان بايدن  حقا صادق الوعد فيما ذهب إليه ؟

المؤكد لا، ذلك أنه وبعد ثلاثة أيام فقط ، أدعت  إدارة بايدن أن منظمة أوبك + ، تعرض التعرض التعافي الاقتصادي العالمي للخطر من خلال  عدم زيادة  إنتاج النفط”، وكأن واشنطن بذلك تدفع العالم دفعا في طريق المزيد من إنتاج  الوقود الأحفوري،المضر بالمناخ العالمي .

يعد هذا المشهد مثالا صارخا على النفاق المناخي من جانب زعيم دولة متقدمة،  ولكنه ليس الوحيد بأي حال من الأحوال ، إذ تمتد الإزدواجية  إلى الإجراءات التي جرت في مؤتمرات الأمم المتحدة  المعنية بتغير المناخ،  حيث وجد المفاوضون من البلدان النامية على ما يبدو أن مواقف الاقتصادات المتقدمة  في الاجتماعات المغلقة  تختلف تماما  عن مواقفها العلنية .

هل من أمثلة  أخرى  على النفاق الأممي الذي يتجاوز الولايات المتحدة؟

بالقطع تبدو  الصين طرفا أمميا ذو تأثير كبير وخطير بالنسبة للتغيرات المتاخية، ولعله من متناقضات القدر ، أنها  وفيما  كان مؤتمر جلاسكو قبل ثلاث سنوات منعقدا ومطالبا  الجميع  بوضع حد للتلوث المناخي ، كانت  القيادة الصينية  برئاسة  الزعيم الصيني شي جين بينغ،  ترفع  نسبة  الفحم الكربوني في صناعاتها  بنسبة  35 %، الأمر الذي يعني أن مساهمتها في جلاسكو كانت صورية غير حقيقية، وأنه لا نية  لها للتراجع  في سباقها الإقتصادي مع الولايات المتحدة، في طريق تسنم القطبية  الدولية، حتى وإن كلف ذلك العالم فرصته الحقيقية  في النجأة  من الهول الساطع .

 

عن سيد العادلى

شاهد أيضاً

إسرائيل تنشر تفاصيل التحقيق بمقتل المسعفين في غزة

وكالات – نشر الجيش الإسرائيلي، الأحد، تفاصيل تتعلق بنتائج التحقيق في مقتل 15 من المسعفين …