أخبار عاجلة

الهند والفتاوى الشاذة : حازم عبده

تابعت باهتمام أعمال مؤتمر الإفتاء الهندي الأول الذي نظمته دار الإفتاء الهندية نهاية الأسبوع الماضي برعاية مفتي الهند الشيخ أبو بكر أحمد عراب التعايش السلمي بين مختلف الأديان في الهند والذي عرفته منذ تسعينيات القرن الماضي وهو يتردد على مصر للمشاركة في المؤتمرات الإسلامية الكبرى، ومن بينها: المؤتمر السنوى للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية، والمؤتمرات السنوية لدار الإفتاء المصرية، والأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم والتي تحتضنها القاهرة، ويترأسها فضيلة مفتي مصر.
جاء المؤتمر الهندي في توقيته تماماً، مستفيداً من التجربة المصرية في معالجة موضوعات محاربة الفكر المتطرف وجماعات التشدد وتنظيمات الإسلام الحركي والجماعات الإرهابية التي أوغلت في شواذ الفتاوى، وكذلك ملف تجديد الخطاب الديني وترشيد أمر الفتوى وضبط مسارها في أهل العلم والاختصاص، بعيداً عن تلك القلة التي حاولت اختطافها وحمل الشاذ منها لصناعة الفتنة وإراقة الدماء، وقد أحسن مفتي الهند ومعاونوه من العلماء في أن يكون المؤتمر الأول لبنة في مسيرة ضبط عملية الإفتاء في عموم الهند، وكشف أصحاب الفتاوى الشاذة وتنبيه الناس إلى أمرهم، ليس فحسب وإنما تمكين أهل العلم الثقات، وأهل الاختصاص من تقديم الفتاوى التي تنفع الناس وتسير حياتهم و تيسرها، وتمكنهم من الاندماج في مجتمعهم دون إفراط أو تفريط.

وقد وضع العلماء المشاركون في مناقشات المؤتمر نصب أعينهم تلك التحديات العصرية التي يتعرض لها المسلمون في الهند حيث يشكلون نحو 14 % من سكان البلاد بتعداد إجمالي نحو مائتي مليون مسلم، بحسب إحصاء عام 2020، وأجمعوا على ضرورة توحيد وتنظيم أمر الإفتاء، وجاء تأكيد الشيخ أبوبكر أحمد مفتي الديار الهندية علي شروط المفتي في غاية الأهمية، حيث لا يجوز أن يلي أمر الإفتاء إلا من تتحقق فيه الشروط المقررة في مواطنها، وأهمها: العلم بكتاب الله تعالى وسُنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وما يتعلق بهما من علوم، والعلم بمواطن الإجماع والخلاف والمذاهب والآراء الفقهية، والمعرفة التامة بأصول الفقه ومبادئه وقواعده ومقاصد الشريعة، والعلوم المساعدة مثل: النحو والصرف والبلاغة واللغة والمنطق وغيرها.، والمعرفة بأحوال الناس وأعرافهم، وأوضاع العصر ومستجداته، ومراعاة تغيرها فيما بني على العرف المعتبر الذي لا يصادم النص، و القدرة على استنباط الأحكام الشرعية من النصوص، و الرجوع إلى أهل الخبرة في التخصصات، كالمسائل الطبية والاقتصادية ونحوها.
ومن أهم النتائج التي بلغها المؤتمر فكرة الفتوى الجماعية في ظل أنّ كثيرًا من القضايا المعاصرة هي معقدة ومركبة وأنّ الوصول إلى معرفتها وإدراك حكمها يقتضي أن تكون الفتوى جماعية، كما لفت المؤتمر الانتباه إلى أمر مهم أيضاً، وهو أن الفتوى التي تُنشر في وسائل الإعلام،كثيرًا ما لا تصلح لغير السائل عنها، إلا إذا كان حال المطلّع عليها كحال المستفتي، وظرفه كظرفه.
تحية لدار الإفتاء الهندية ولفضيلة المفتى الشيخ أبو بكر أحمد، ابن منطقة مليبار بولاية كيرالا والذي تعلم العلوم على أيدي كبار العلماء البارزين والمشايخ العظام مثل العلامة الشيخ زين الدين علي حسن المخدومي المسمي ببحر العلوم، ثم التحق بجامعة الباقيات الصالحات بويلور ولاية تاملنادو؛ لاستكمال مسيرته العلمية و للدراسات العليا، وتخرّج فيها، ونال الشهادة للدعوة والإفتاء والتدريس في كل فن من فنون العلوم الاسلامية.

_______________________

نقلا عن اللواء الإسلامي 

عن

شاهد أيضاً

كايسيد …عن الأديان وتعزيز الحوار والمصالحة.. إميل أمين

  يبقى مركز الملك عبد الله بن عيد العزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات، …