ترامب وماسك والدولة الاميركية العميقة.. دراسة

أرشيفية

المراقب : قسم الدراسات

كثيرا  ما تساءل المرء عن سر الفتى المعجزة” إيلون ماسك”، وكيف اقترب من مربعات نفوذ لا تقوم عليها إلا أجهزة الأمن القومي الأميركي،  وظل الجواب غامضا  غائما، وإن رجحت العقول الرصينة أنه ليس سوى أداة من ضمن أدوات الدولة الأميركية العميقة .

قبل بضعة أيام أنهت صحيفة  “وول ستريت  جورنال”، الجدل الذي طال،  حين أكدت  على  طول وعرض وعمق العلاقة التي تربط  بين ماسك وشركاته المتعددة، مع وكالات الإستخبارات والجهات العسكرية  الأميركي الأخرى، وبخاصة بعد أن ظفرت شركته ” سبيس إكس”،  بعقد سري كبير ، ووسعت  برنامجا  سريا  للأقمار الإصطناعية للشركة  يسمى ” ستارشيلد ” لعملاء الأمن القوميين.

أترى  هذا هو العقد الأول بين شركات ماسك ووكالات إستخبارية  ودفاعية – عسكرية أميركية ؟

الإعتراف الكبير الذي باحت به الوول ستريت  جورنال، يتمثل في القطع بأن شركات ماسك، بدأت في التعامل مع  عمليات الإطلاق المنتظمة  للاقمار الإصطناعية  المخصصة  للوكالات العسكرية  ووكالات التجسس قبل عقدين من الزمن،  وفي مقدمة عملاء ماسك، أحد أجهزة  الدولة الأميركية  العميقة التي لم يكشف عنها  حتى العام 1992.

إنه مكتب الإستطلاع الوطني ، قلب الجاسوسية الفوقية  الأميركية النابض، إن جاز التعبير، ذلك الكائن في جنوب مطار دالاس الدولي، ويحتل مساحة مترامية الأطراف .

يستقطب المكتب موظفين من مختلف فروع  البنتاغون، ووكالة  الإستخبارات المركزية، والذين يستخدمون  بيانات الاقمار الإصطناعية  لدعم وكالات  الأمن القومي ، والوكالات المدنية  في الحكومة الفيدرالية، وبدا أنه من السرية بحيث لم يكشف عنه إلا بعد سقوط الإتحاد السوفيتي .

رويدا رويدا تنكشف أحجية الفتى ماسك، حيث بدأت الإثارة من حوله قبل عقدين بالفعل، حين مضى خارج الولايات المتحدة، وتحديدا إلى روسيا الإتحادية، بهدف الحصول على  صواريخ فضائية  لشركاته، ويومها كانت علامة الإستفهام :” من هذا  الذي يتم السماح له بالإقتراب على  هذا النحو، من ” قدس أقداس ” البرامج الفضائية  العسكرية الأميركية؟.

اليوم تتكشف الحقيقة، ذلك أن ” سبيس إكس”، لم تكن إلا واجهة  مدنية  لبعض من مشروعات وزارة الدفاع الأميركية  لعسكرة  الفضاء، والتي لفت  إليها النظر الرئيس السابق ترامب، في حديثه مع الصحافي الأميركي ، بوب وود وورد، حين  كان في سبيل إعداد كتابه الجديد” الغضب”.

هل ماسك  رجل أميركا الساعية  لتجاوز القمر إلى  المريخ، بحثا  عن بديل للأرض السائرة حائرة في طريقها للإنفجار الإيكولوجي ؟

علاقة ماسك في واقع الحال بالمريخ بدأت قبل وقت طويل، كان ذلك حين أطلق مصطلح ” واحات المريخ “، كمشروع يهدف إلى بناء  صوب زراعية  لزراعة المحاصيل  على سطح المريخ بالإعتماد على تسميد الحطام الصخري.

على أنه وقبل أربعة  أعوام تقريبا، كان ماسك يعلن عن جدول زمني لنقل مليون شخص إلى  المريخ بحلول عام 2050.

يتساءل العقلاء من جديد :” هل هذه مشروعات أفراد وقطاع خاص، أم بنى  مؤسساتية  لدولة  عملاقة تصل الأرض بالسماء، وتحتاج إلى تمويلات هائلة “؟.

يجئ الحديث عن ” ستارشيلد”، أو ” درع النجوم “، ليستحضر من الذاكرة الأميركية  برنامج ” حرب الكواكب” ، ذاك الذي أرسى  أساساته الرئيس الراحل رونالد ريجان عام 1983، بعد أن أقنعه غلاة اليمين المسيحي المتطرف، من أمثال بات روبرتسون، وجيري فالويل، وغيرهما، بأن معركة “هرمجدون ” على الأبواب مع  السوفيت، وأنه لابد من نشر شبكة دفاع ليزر في الفضاء، تقضي على  صواريخ الدب القطبي حال عبورها الأطلسي.

مرة جديدة  تبدو  الدولة الأميركية  العميقة، حاضنة  كافة المشروعات القطبية،  ومن جديد أيضا  يظهر الإصرار الأميركي على  تسيد القرن الواحد والعشرين، والسعي الحثيث في طريق ” مشروع القرن ” للمحافظين الجدد .

مؤخرا تشير مجلة ” دفنس نيوز” الأميركية  ذائعة  الصيت،  إلى أن شركة  ” سبيس إكس ” تمكنت  من توسيع  حضورها في المجال العسكري خلال السنوات الأخيرة ، ففي عام 2020 على  سبيل المثال، أختار سلاح الفضاء الأميركي صاروخ ” فالكون 9 “،  وصواريخ ” فالكون” الثقيلة،  التي تنتجها الشركة  للقيام ب40% من مهام الإطلاق  للفضاء ما  بين عامي  2022- 2027.

في منتصف فبراير شباط الجاري،  أعلنت ” سبيس إكس”  عن إقلاع  صاروخ ينقل مركبة أميركية  خاصة  للهبوط على  سطح القمر، وذلك في مهمة  هي الأولى من بين 5 مهمات خاصة إلى هناك هذا  العام .

ما هي فحوى ومضمون مشروع ” ستارشيلد ” الأحدث في مخططات أميركا، التي تجري عبر شراكة  ظاهرية  مع ماسك؟

المعلومات حتى الساعة شحيحة، سيما ما يتعلق بتوقيتات إطلاق قدراتها  الفضائية  أو حجم إستثماراتها المنتظرة، والأهم البرامج المنوطة بها .

على أنه وفي كل الأحوال يمكن التأكيد على  أن برنامج ” ستار شيلد “، سوف  يطور شبكة  إتصالات بمستويات عالية الأمان تفوق ما تتمتع  به برامج الأقمار الإصطناعية الحالية لماسك والمعروفة  باسم ” ستارلينك”.

منذ 2019 أطلقت ” ستارلينك” قرابة ” 5000 قمر إصطناعي وضعت  في مدارات قريبة من الأرض، وقد ظهرت فاعليتها في حرب أوكرانيا، واليوم يطالب مشرعون أميركيون بجعل ” ستارشيلد”، متاحة  لقوات الدفاع الأميركية في المعركة القادمة مع الصين في تايوان .

الخلاصة ..حرب النجوم تبعث من جديد، والتفاصيل حكما مثيرة  وفي حاجة  لعودة  ثانية .

عن سيد العادلى

شاهد أيضاً

وزيرة خارجية ألمانيا عن اعتقال عمدة اسطنبول: ضربة قاصمة للديمقراطية في تركيا

د ب أ انتقدت وزيرة الخارجية الألمانية، أنالينا بيربوك، اعتقال عمدة مدينة إسطنبول التركية، أكرم …