الطوعية.. الباب الخلفى للتهجير.. عبد اللطيف المناوي

كلما دققنا فى التفاصيل المحيطة، بدت الصورة أكثر وضوحًا. وما تكشف عنه الأيام يفسر لماذا الإصرار المصرى على رفض «التهجير» بشكل عام دون قصره على التهجير «القصري». من الواضح أن التحرك الأمريكى الإسرائيلى يعتمد على إغراءات دفع الفلسطينيين إلى السعى نحو الخروج أو الهجرة من وطنهم إلى بلادٍ أخرى.

وما كشفته صحيفة معاريف الإسرائيلية نقلًا عن مصادرها، أنه بعد شهر من طرح ترامب لخطة الهجرة الطوعية لسكان غزة، فإن إسرائيل تعمل فعليًا على تنفيذها.

المعلومات المتاحة تقول إن الإدارة الأمريكية شكلت فريقًا متخصصًا للترويج لخطة ترامب، فيما يبدو فإن هذا الفريق على تواصل مباشر مع «مديرية الهجرة فى غزة» التى تعمل وزارة الجيش الإسرائيلية حاليًا على إنشائها.

وفى إطار هذه الخطة، تروج إسرائيل أن الهدف ليس إجبار سكان القطاع على المغادرة، بل «تقديم المساعدة» لمن يرغب فى الهجرة، وفقًا لما نقلته الصحيفة.

ويتصرف الطرفان على أساس أن الولايات المتحدة تقود العملية وتروج لها فى مختلف المحافل الدولية، فى حين يقتصر دور إسرائيل على القيام بعمل القيادة وتوفير الإطار الشامل للعملية والعمل على الأرض والتركيز على أساليب التنفيذ.

بحسب المصادر المشاركة فى صياغة الخطة، فإن عملية ترويج أمريكا للخطة سوف تعطى انطباعًا للعالم بأنها تستهدف عملًا إنسانيًا، وإذا نشأ انطباع بأن إسرائيل هى التى تروج لها، فإن النتيجة ستكون عكسية.

ثم يجب التأكيد أيضًا على أن إدارة الهجرة الطوعية، التى هى الآن فى مراحل التأسيس، هى الهيئة التى تدمج الخطط وتنشئ وتنفذ آلية مساعدة واسعة النطاق لسكان قطاع غزة الراغبين فى الهجرة إلى دولة ثالثة، مع ترتيب طرق الخروج عن طريق البحر والجو والبر.

ويجرى الفريق الأمريكى حاليًا محادثات مع عدة دول عربية، بهدف التوصل إلى اتفاق مع دولة واحدة أو عدة دول على الأقل بشأن استيعاب سكان غزة الراغبين فى الانتقال من القطاع. ويتم أيضًا دراسة أساليب تمويل البرنامج. وهذه ميزانية بمليارات الدولارات سيتم استثمارها ليس فقط فى إعادة إعمار القطاع، بل وأيضًا فى إنشاء المستوطنات وأماكن العمل وكل المؤسسات الحيوية فى الدولة أو فى الدول التى توافق على استيعاب الغزيين المهتمين بالهجرة الطوعية.

أجريت استطلاعات معمقة فى قطاع غزة فى الأسابيع الأخيرة بهدف الحصول على صورة محدثة عن عدد سكان غزة المهتمين بالانتقال إلى دولة ثالثة وموقفهم من خطة ترامب. تروج مصادر إسرائيلية تقدر أن نسبة كبيرة من الفلسطينيين مهتمون بالهجرة طوعًا.

وفى السياق ذاته، أفادت مصادر أمنية إسرائيلية بأن تل أبيب استكملت الإجراءات اللازمة للسماح بخروج آلاف الفلسطينيين من قطاع غزة بشكل يومى عبر ثلاثة مسارات مختلفة.

ولكنى أحذر هنا تمامًا من أن يكون باب الهجرة الطوعية بابًا خلفيًا لعملية التهجير.

___________________

نقلا عن المصري اليوم 

 

عن سيد العادلى

شاهد أيضاً

حازم عبده يكتب عن.. إمامنا الأكبر

ونحن نحتفي بمرو خمسة عشر عاماً على تولي فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب مقعد …