
الدكتور رفعت سيد أحمد
عندما نتحدث هذة الايام عن (سيناء ) والمخطط المشبوه للتهجير ..نتذكر الراحل العظيم جمال حمدان ..فمثلما عاش في صمت وعزلة، رحل جمال حمدان (العالم المصري العظيم) في صمت وعزلة. صحيح، تناولت (صاحب موسوعة :شخصية مصر) بعد رحيله ، وطرفاً من سيرته وعلمه بعض الأقلام في الأيام التالية لوفاته ـ- مختنقاً بالغاز -ـ وصحيح أن البعض ألقى باللوم على الزمان، وعلى المكان ،وعلى الوطن الذي أنجب (حمدان) ورحل في موكب لا يتعدى مائة شخص من تلاميذه وأقربائه. وصحيح أيضاً أن أحدهم قد همس باكياً في تلك الجنازة، بأنها جنازة تليق “برجل شريف”، لأنه لو لم يكن “عالماً” ـ لكانت الجنازة أكثر عدداً و صخباً!.صحيح كل هذا ..ولكننا اليوم نتذكره ومع المخاطر التي تهدد الامن القومي المصري من بوابة (سيناء ) نتذكره ..فماذا تقول رؤيته وتحذيراته بشأن سيناء ؟
في عام 1993 صدر عن دار الهلال – بعد رحيل مؤلفه مباشرة الدكتور العلامة جمال حمدان -كتاب (سيناء ) وهو بمثابة فصل كامل في موسوعته الشهيرة (شخصية مصر ) وهو (الفصل العاشر )يقول نصا وفي ثنايا كتابه ( من يسيطر على فلسطين يهدد خط دفاع سيناء الاول، ومن يسيطر على خط دفاع سيناء الأوسط يتحكم فى سيناء، ومن يسيطر على سيناء يتحكم فى خط دفاع مصر الأخير”) الكتاب هو الفصل العاشر من موسوعته الفذة (عبقرية مصر )إن هذة هي (القاعدة التاريخية ) الثابته للامن القومي المصري وعليها بني كل الامن القومي المصري وتحددت خطواته ومعاييره وحدوده ..إن سيناء ليست مجرد(جغرافيا )ثابته بل (حياة وتاريخ ومستقبل لشعب حي ) إن سيناء ووسط هذة الهوجة العمياء لتصريحات غربية مغرضة عن التهجير ليست مجرد صحراء بل (وطن ينبض بالسعادة لكل مصر ) هكذا فهمها جمال حمدان وهكذا نفهمها ! **** * يخطئ من يظن أن كتابات جمال حمدان تقف فقط عند (شخصية مصر ـ دراسة في عبقرية المكان) بأجزائها الأربعة. فللرجل إسهاماته الأخرى الهامة، والجديرة بالتسجيل. صحيح أن (شخصية مصر) هو أنضجها وأعمقها إلا أن ثمة تراثاً ضخماً يقف خلف (حمدان)، متحدثاً باسمه، متحدياً التراجع الحضاري العربي والمصري السابق لوفاته ولنتذكر فقط هذه الإسهامات لجمال حمدان:
– دراسات في العالم العربي ـ 1958.
– نمو وتوزيع السكان في مصر ـ 1959.
– المدنية العربية ـ 1963.
– بترول العرب دراسة في الجغرافيا البشرية ـ 1964.
– أفريقيا الجديدة دراسة في الجغرافيا السياسية ـ 1966.
– اليهود ـ أنثروبولوجيا ـ 1967.
– استراتيجية الاستعمار والتحرير ـ 1968.
– بين أوروبا وآسيا ـ 1972.
– نحو مدرسة عربية في الجغرافيا ـ 1964.
– الجمهورية العربية الليبية ـ دراسة في الجغرافيا السياسية ـ 1973.
– قناة السويس ـ نبض مصر ـ 1975.
– من خريطة الزراعة المصرية ـ 1983.
تلك فقط بعض النماذج مما خط جمال حمدان من كتب، أما مقالاته ودراساته فلم تتوقف عن التدفق في العديد من المجالات المصرية والعربية، مثل مجلة (الكاتب) و(الطليعة)، وجريدة (الأهرام).
إذن.. نظلم كثيراً جمال حمدان، بأن نختصر تاريخه الفكري في (شخصية مصر)، دون سواهاً من الإسهامات الفذة، ونظلمه أكثر بأن نكتفي بعدم تقديم القشور من المعلومات عما كتبه، وعما آمن به من أفكار ورؤى وبخاصة ما سطره في موسوعته الرائعة (شخصية مصر).
• *****
*ووفقا لجمال حمدان أن سيناء هى مصر الصغرى لأنه طبواغرافيا ومناخيا وجيولوجيا تشبه صحراء مصر الشرقية ثم يتناول –في الفصل العاشر من موسوعته الفذة وفي كتابه المهم( سيناء )- النباتات والمناخ والتضاريس التى تبعد كل البعد عن مثلها فى الجزيرة العربية ويختم وبهذا فإن السؤال حول “أفريقية سيناء أم أسيويتها” محسوم علميا ولا مبرر لحيرة أو تناقض فسيناء على المستوى الطبيعى أفريقية أكثر مما هى أسيوية ومصرية ..كل هذا على المستوى الطبيعى فى الجغرافيا والجيولوجيا والأرض أما فى التاريخ فتلك قصة أخرى وكل ما يمكن قوله إن مصر كما هى فى أفريقيا بالجغرافيا فإنها فى آسيا بالتاريخ وفى هذا المفهوم فإنه بكل بساطة سيناء جزءا لا يتجزأ من مصر وأمنها القومي )
**** *إ ن العلامة الدكتور جمال حمدان يحذرنا عبر كتابه العظيم (سيناء ) وموسوعته الفذة (عبقرية مصر ) الي أهمية سيناء للامن القومي المصري وضرورة الدفاع عنها وعدم التفريط في مصريتها لان ذلك سيمثل تخلي طوعي عن أحد أهم أركان الامن القومي لمصر ويمثل تهديدا ووجوديا لمصر كلها..أيضا علينا اليوم (2025) وبعد التصريحات الحمقاء لبعض المسئولين الغربين أن (نعمر سيناء ) برؤية جديدة وإستراتيجية دائمة حتي لايطمع في بلادنا الاعداء .. علينا بالتخطيط المتكامل والنهائى ووضع تصور للرؤية المستقبلية للتعمير والتنمية الشاملة لسيناء باستخدام الأسلوب العلمى بحيث تكون( كياناً اجتماعياً واقتصادياً وأمنياً متماسكاً ) يحمى سيناء من ثلاثة مخاطر كبرى :1- مخاطر التهجير وما يتصل به من خرافات وقنابل دخان بعض القادة الغربين 2- ومخاطر غياب التنمية المستقلة ، 3-ومخاطر الفتن التى تبذرها قوى التطرف الدينى ، *إن سيناء هي البوابة الشرقية الثابتة والتاريخية للامن القومي المصري وتلك التحديات الثلاث هي العناوين الثابتة له ..وعلينا أن نتمثلها دائما وأن نواجهها بقوة وإيمان يليق بتاريخ مصر وحضارتها ..فأهل الشر لايتوقفون لحظة عن تهديدنا ..ولكنا قادرون علي المواجهة بفضل هذا الشعب والجيش العظيم .
*إن “د ـ جمال حمدان ـ احتج بلغته الخاصة على عصر الانحطاط العالمي، والتراجع-أنئذ- العربي و المصري، فقدم موسوعته (شخصية مصر )-وكتاباته الفذة، عن الأرض، والإنسان، والحضارة. وتحدث عن (سبناء ) وأهميتها للامن القومي المصري وهانحن اليوم تنذكره دفاعا عن عبقرية موقع وموضع_وفقا لتعبيره الخالد- ( مصر بسيناءها )!حفظها الله .
_________________
نقلا عن الجمهورية