كلنا يعلم أن إسرائيل، تقع في وسط المنطقة العربية جغرافياً، وبينها وبين ايران مسافات بعيدة ، ونعلم أن الصراع العربي الصهيون عمره 75 سنة، تمددت فيه إسرائيل وحققت أهدافها من احتلال الأراضي الفلسطينية، بل استطاعت انهاء الصراع بينها وبين مصر حتي لو بشكل مؤقت، وفي نفس الوقت أقامت علاقات سياسية واقتصادية مع دول عربية أخرى( قطر الإمارات السعودية البحرين المغرب الأردن السودان )وفي طريقها لحسم أمورها مع باقي الدول وأهمها العراق والكويت.. وفي ظل تلك الظروف والمناخ الضبابي، قويت إسرائيل وضعفت منظومة الدول العربية.
أما إيران كثر الحديث حول معاداتها لإسرائيل وأمريكا، مما ترتب عليه حصار طهران اقتصاديا المتكرر من واشنطن ودول أوربا ، ومازال الحصار قائماً.
رأينا أيضاً محاولات إيران التدخل في الشؤون العربية وتجنيد جماعات متعددة لتنفيذ مخططها لإسقاط الدول العربية والذي لم يفلح بعد ورغم وجود أذرع قوية لها في العراق ولبنان واليمن.
ومن ثم فطبيعة الأمور تذهب إلي سعي كلاً من إيران وإسرائيل للسيطرة والنفوذ داخل العالم العربي، وفي الوقت ذاته تراجع سيطرة ونفوذ الدول العربية دولياً وتراجع الدول الكبرى منها عن دورها الريادي في المنطقة، ومحاولات مستميته من بعضها للقفز علي الدور المصري العروبي القديم ، ومحاولة قيادة الأمه العربية.
وقبل الأمس بقليل وجهت إسرائيل ضربة استباقية لإيران في سفارتها في سوريا، وجاء الرد سريعاً من إيران بتوجيه أكثر من 200 صاروخ وطائرات مسيرة نحو إسرائيل، مستهدفه قواعد عسكرية وبعض المدن الإسرائيلية.
لم تكن هذه الهجمة الإيرانية حرب شاملة ولكنها جاءت رداً علي الضربة الصهيونية، وقد حققت هذه الضربة عدة أهداف لإيران..
أثبتت للعالم كله أنها قادره علي الوصول إلي العمق الإسرائيلي، وأنها قوة إقليمية لا يُستهان بها ، وينبغي تقوية العلاقات معها لتحقيق مصالح مشتركة دون الصراع بينها وبين الدول العربية.
نجحت ايران في توجيه أنظار الدول الكبرى إليها كشرطي جديد للمنطقة بدل التوجه نحو إسرائيل، وتلك نقطة مهمة لصالح ايران، وجوهرية في صراعها مع الدول الكبرى .
أسقطت طهران بهذه الهجمات الرهان الدولي، علي ضعف ايران وعدم قدرتها علي حماية أذرعها في لبنان والحوثيين في اليمن، ودفع أمريكا وبريطانيا وفرنسا علي انتهاج سياسات مستقبلاً لتسوية الصراعات في اليمن ولبنان والعراق وحوض البحر الأحمر، تقوم علي تحقيق المصالح دون الانحياز لقوى إقليمية في مواجهة أخرى.
أظهرت إيران أنها القوة الإقليمية القادرة علي ضرب المصالح الدولية وإسرائيل في أي وقت، ومن ثم التعامل معها وتحقيق مصالحها وعدم الانحياز الدائم لدول الخليج العربي.
وفى رأى الشخصي أن هجوم الأمس المحدود من إيران ، ما هو إلا رسالة واضحة، أن ايران قادرة علي رد أي عدوان علي مصالحها وأنها لا تخشى أى قوة عسكرية، وفي تفس الوقت ينبغي أن ندرك تماماً أن إيران عقائدياً لا تلتفت إلي فلسطين والقدس كقضية دينية ومحورية، بل تستخدمها فقط كورقه في تأجيج مشاعر الشعوب الإسلامية، وتحقيق مصالحها الإقليمية والدولية.
إيران دولة كبرى شاء من شاء وأبى من أبى، مثلها مثل تركيا، ووجب علي العرب البحث عن صيغ جديده لتحقيق علاقات متزنة وقوية معها لتحقيق المصالح المشتركة، بدلاً من الصراعات والمواجهات المتكررة في حوض البحر الأحمر والعراق.
من يشكك اليوم في إيران، هو في حقيقته إما جاهل بالأمور، أو له علاقات سرية مع المحفل الماسوني والصهيوني لصالح إسرائيل.