المراقب : وحدة الدراسات
هل بدأت أضواء التحذير الحمراء بالفعل في الإضاءة داخل الولايات المتحدة الأميركية، مرة جديدة، وبعد قرابة ربع قرن من أحداث الحادي عشر من سبتمبر عام 2001؟
عدة علامات في الطريق تشير إلى أن قيادات الأجهزة الأمنية في الداخل باتت قلقة إلى حد منزعجة، من إحتمالات شبح الإرهاب الذي ضرب أميركا بقوة ذات مرة في بداية الألفية الثالثة ، سيما في ظل الأوضاع الدولية المرتبكة، ما بين مواجهة كبرى مع روسيا الإتحادية في أوكرانيا، الأمر الذي يمكن أن يتسبب عند لحظة بعينها في ردات فعل موسكوفية شرسة، لا سيما إذا تم إستخدام أسلحة متقدمة تصيب قلب الحواضن الروسية ، عطفا على جرح غزة المفتوح، حيث يخشى البعض من أن الموقف الأميركي غير المحايد، يكاد يكون سببا من أسباب الخشية من الإنتقام الجهادي.
والثابت أنه ومنذ الإنسحاب الأميركي العشوائي من أفغانستان في أغسطس 2022، وهناك هجاس مخيف يخيم فوق سماوات الولايات المتحدة، من أن يضحى ذلك البلد الآسيوي الذي عرف بأنه مقبرة الإمبراطوريات، حاضنة من جديد للتيارات الجهادية الضالة، من عينة القاعدة وداعش ، وغيرهما .
ترتفع مستويات القلق من الإرهاب القائم والقادم، لا سيما إذا أخذنا في الإعتبار أدوات التواصل الإجتماعي، وإمكانات الذكاء الإصطناعي، والتي كانت غائبة زمن إعتداءات نيويورك وواشنطن، ما يجعل من الإرهاب السيبراني كارثة متوقعة في أي لحظ وأخرى، ولهذا بات هذا الفرع من فروع الإرهاب المعولم ، يمثل عبئا كبيرا على كاهلي أجهزة الأمن والإستخبارات الأميركية .
على أن السؤال المثير هذه المرة :” هل ما تخشاه تلك الأجهزة ، هو الإرهاب العابر للحدود، كما في المرة السالفة، أم هناك توقعات مخيفة بدورها، تتعلق بالإرهاب المحلي الداخلي، لا سيما من جانب جماعات العنف اليميني المتطرف؟
يعلو صوت حديث الإرهاب ، والولايات المتحدة تعيش حالة من الإستقطاب السياسي غير المسبوق، وعلى عتبات إنتخابات رئاسية مثيرة، تبدو نتائجها غير واضحة ، لا على صعيد المرشح الفائز، بل في مجال إستقرار أميركا أو توترها، وعلى غير المصدق أن يراجع ما أصدره مركز أبحاث كندي يعر فباسم ” آفاق السياسة الكندية “، من تقرير يتحدث عن إحتمالات حدوث حرب أهلية في الداخل الأميركي ، وكيف يتوجب على كندا أن تفكر ؟
من اين يمكن للمرء أن يبدأ هذه القراءة ؟
نهار الخميس الحادي عشر من إبريل نيسان المنصرم، وأمام اللجنة الفرعية للتخصيصات بمجلس النواب ، تحدث مدير المباحث الإتحادية الأميركي ” كريستوفر راي “، عن المخاوف التي تعم أميركا من حدوث ” هجوم منسق”، على الأراضي الأميركية .
ما الذي يستدعي قلق المسؤولين الأميركيين في هذا التوقيت تحديدا؟
المؤكد أن إرتفاع الثقة لدى مؤيدي تنظيم داعش الإرهابي ، والذي أنعكس في سلسلة من التهديدات عبر الإنترنت ضد أوروبا، إلى جانب الهجوم المميت على قاعة الحفلات المويقية في روسيا، كلها أمور تدفع المسؤولين الأمنيين في الداخل الأميركي لكثير من القلق .
والثابت أنه لطالما شعر مسؤولو الأمن القومي وإنفاذ القانون بالقلق إزاء مجموعات صغيرة أو أفراد يستلهمون المؤامرات الإرهابية في جميع أنحاء العالم لشن هجمات في الولايات المتحدة ، لكن مدير مكتب التحقيقات الإتحادي FBI ، أخبر المشرعين أن شيئا أكثر إثارة للقلق قد يكون قيد الإعداد .
هل يخشى ” كريستوفر راي” من حدوث فعل مشابه على غرار هجوم داعش خوراسان الذي شهده العالم في قاعدة الحفلات الموسيقية في روسيا أواخر مارس آذار الماضي؟
المؤكد جدا أن مكتب التحقيقات الإتحادي بات شبه مقتنع بأن خطرا ما سوف يطل من نافذة الأحداث الأفغانية بنوع خاص ، وأنه قد تتجاوز خطورته ما جرى في مسرح موسكو .
في تصريحات متلفزة لها عبر برنامج ” في الغرفة ” على قناة ” سي. إن . إن ” الإخبارية الأميركية، قالت ” كريتسين أبي زيد “، مديرة المركز الوطني لمكفاحة الإرهاب، إن الجماعات الإرهابية تكافح بطرق عديدة لتكوين قدرة كبيرة ذات صلة بالولايات المتحدة ، وجاء ذلك في حوارها مع محلل الإرهاب ” بيتر بيرغن “.
لم تكن كريستين وحدها من يرى أن الإرهاب يقترب من أميركا أو ينوي ذلك، فقد شاركها في الوقت عينه الجنرال ” مايكل كوريلا، قائد القوات الأميركية في الشرق الأوسط وجنوب آسيا ، والذي أعتبر أن داعش خراسان يحتفظ بالقدرة والإرادة لمهاجمة المصالح الأميركية والغربية في الخارج في أقل من ستة أشهر ومن غير سابق إنذار ، وقد جاءت تصريحاته هذه خلال جلسة أجتماع للجنة مجلس الشيوخ في شهر مارس الماضي .
من ناحية أخرى ، أعرب متحدث باسم وزارة الأمن الداخلي لإذاعة صوت أميركا ، في إبريل الفائت ، بأنه :” لا تزال الولايات المتحدة في بيئة تهديد متزايدة “.
وأضاف المتحدث :” تواصل وزارة الأمن الوطني العمل مع شركائنا لتقييم بيئة التهديد وتقديم التحديثات للشعب الأميركي وجماية وطننا “. ” نحث الجمهور على البقاء يقظا والإبلاغ الفوري عن الأنشطة المشبوهة إلى سلطات إنفاذ القانون المحلية “.