الإنتخابات الرئاسية الأميركية  والتصويت الإيماني

أرشيفية

المراقب: وحدة الدراسات

يبقى  من الواضح بشكل جلي ، أن المصطح له علاقة وثيقة  بالشأن الديني والإيماني المسيحاني في الداخل الأميركي ، وهو أمر يعكس بدرجة أو بأخرى غشكالية تكافؤ الاضداد في الروح الأميركية الواحدة، بمعنى  القول دستوريا بأن أميركا دولة  علمانية مدنية،  تفصل بين المعتقد الإيماني وممارسة الحياة السياسية، وبين إعتبار الدين نقطة إرتكاز، تدور من حولها الأحداث، وفي مقدمها  أهم فعل سياسي أميركي داخلي، وهو إنتخاب رئيس البلاد.

يشير مصطلح الحزام الإنجيلي أو حزام الكتاب المقدس ، إلى  منطقة جنوب الولايات المتحدة  ، تبدأ من عند ولاية  ميسوري الراقعة   في الغرب الأوسط،  والتي تتمتع  بنفوذ جنوبي كبير،  حيث تمارس ينتشر التيار البروتستانتي المسيحي ،  ذاك الذي يعتبر أتباعه  أن الكتاب المقدس هو جوهر حياتهم وليس أي شيئ أخر ، ويسعون في هديه صحوا ومناما،  ولهم نفوذ إجتماعي وثقافي قوي .

وصفت المنطقة بأنها واحدة من أكثر  المناطق محافظة  إجتماعيا في جميع  أنحاء الولايات المتحدة بسبب التأثير  الكبير للمسيحية  الإنجيلية على  السياسة والثقافة .

كان أقدم استخدام معروف لمصطلح “حزام الكتاب المقدس “،  من قبل الصحفي الأميركي  والمعلق الإجتماعي ” إتش .إل . منكين “،الذي كتب عام 1924 في صحيفة   شيكاغو ديلي تربيون يقول :” أعتقد أن اللعبة  القديمة  بدأت تلعب دورا  في حزام الكتاب المقدس” ، أما اللعبة  فيقصد بها التوجهات الدينية والإيمانية ، وفي عام 1927، أدعى منكين أن المصطلح من إختراعه .

ووفقا  ل ” ستيفن  تويدي ، الأستاذ الفخري  المشارك  في قسم الجغرافيا بولاية أوكلاهوما ، فقد تم النظر إلى  حزام الكتاب المقدس ، من حيث التركيز العددي لجمهور التلفزيون الديني  عندما نشر بحثه لأول مرة  في عام 1995.

في  الإنتخابات الرئاسية ، صوتت ولايات حزام الكتاب المقدس آلاباما  وميسيسبيوكارولينا الجنوبية  وتكساس  لصالح المرشح الجمهوري في جميع الإنتخابات منذ عام 1980 .

ومن المعروف أنه خلال الإنتخابات التمهيدية  الرئاسية  للحزب الجمهوري ، يميل المحافظون الإجتماعيون المسيحيون إلى الفوز بمعظم الولايات من حزام الكتاب المقدس .

تبدو أهمية الصراع على  الأحزمة  الثلاثة السابق الإشارة إليها أمرا  متصاعدا في الأسابيع القليلة المتبقية، قبل الوصول غلأى الخامس من نوفمبر، لا سيما في ضوء أستطلاعات الرأي الأقرب إلى الموثوقية والتي تقول بأن ترمب وهاريس متعادلان في أربع  ولايات متأرجحة،  ولهذا  تظل أحزمة  الشمس والصدأ والإنجيلي عوامل مرجحة  للوصول غلأى  البيت الأبيض.

أظهر أستطلاع للرأي نشر نهار السبت السابع عشر من أغطس آب الجاري ، من خلال صحيفة نيويورك تايمز ، أن المرشحة  الديمقراطية كامالا هاريس تتقدم على  ترمب في  أريزونا ( 50  في المائة مقابل 45 في المائة) وكارولينا الشمالية ( 49 في المائة  مقابل 47 في المائة) .

هل يعني ذلك أن هاريس بالفعل تقلص الفجوة بينها وبين دونالد ترمب؟

هذا صحيح،   ففي ولايات نيفادا  وجورجيا ، نجحت هاريس في تقليص الفجوة  إلى حد كبير مع الرئيس السابق .

لكن وبحسب أستطلاع النيويورك تايمز،   فإن متوسط عدد الأصوات التي حصل عليها  ترمب وهاريس  في ولايات حزام الشمس الأربع يبلغ  48% ، ويحتاج أي من المرشحين إلى  الفوز بولاية واحدة  على الأقل  من هذه الولايات  إلأى جانب  ثلاث ولايات من حزام الصدأ ، ويسكونسون، بنسلفانيا ، ميتشيغان ،  للفوز بالرئاسة .

ويمثل هذا الإستطلاع  تحسنا  كبيرا للديمقراطيين  مقارنة بإستطلاعات  مماثلة  أجريت في مايو الماضي ،حيث كان ترمب متقدما  على بايدن  بنسبة  50% مقابل 41% ، في أريزونا  وجورجيا ونيفادا .

وأظهر الإستطلاع أيضا  أن اصوات الناس منقسمة  بشكل متزايد بين الخطوط العرقية والجنسانية ، فقد حصلت هاريس على  دعم 84 % من الناخبين السود ، و 54% من الناخبين اللاتينين .

هنا يرتفع التساؤل :” ما الذي تسعى  إليه نائبة الرئيس كامالا  هاريس لضمان إنتقالها من مكتب النائب، إلى  موقع وموضع الرئاسة  الكبرى حول العالم ؟

 

ما الذي يتبقى  قبل الإنصراف ؟ حكما  التساؤل المتقدم الخاص بإستمرار فكرة الهيمنة  الإنتخابية  لحزامي الصدأ والشمس ، وإلى  أي مدى سيظل هذا النفوذ باقيا ؟

عند الباحث السياسي  الأميركي ” لارس إيمرسون ” أنه من المرجح أن يتغير الوضع في الإنتخابات الرئاسية  القادمة  2028ن بسبب التغيرات الديموغرافية التي تطرأ على  سكان الولايات المتحدة.

ففي المستقبل ، سوف ينظر الأميركيون فقط في تسع ولايات متقاطعة  ، مينسوتا، ميتشيغان ،  بنسلفانيا ، ويسكونسون،   في حزام الصدأ،  وأريزونا  وجوجرجيا  ونيفادا  وكارولينا الشمالية  وتكساس في حزام الشمس .

فعلى  سبيل المثال ، بحلول منتصف القرن الحادي والعشرين ، من المرجح أن تصبح تكساس أكبر ولاية  من حيث عدد السكان ،  ويبدو أنها  تسير على الطريق لمضاهاة  هذا النمو بأهمية  سياسية جديدة. إن حقيقة أنها  على استعداد  لتصبح ولاية  نقطة التحول التي يجب الفوز بها  في العقدين المقبلين ، إذا أستمرت الإتجاهات الحالية ،  تشير إلى  تحول  ملحوظ  لما كان  لعقود عديدة  بمثابة  موطن روحي للمحافظين . إن حقيقة  أنها الولاية   الأكثر احتمالا  لخلع  ما يقرب  من نصف قرن من سيطرة  حزام الصدأ على نتائج الإنتخابات  هي شهادة مناسبة  على التحالفات المتغيرة في أميركا  والتيارات المتقاطعة  للإستراتيجات الإنتخابية  الحديثة .

عن سيد العادلى

شاهد أيضاً

إيران تنفي إخلاء سفارتها في دمشق

خارجي نفت إيران، السبت، إخلاء سفارتها في دمشق على وقع الأحداث الجارية في سوريا مؤكدة …