دار حوار مطول بيني وبين الزميل محمود مسلم الكاتب الصحفي- عضو مجلس الشيوخ حول مقاله الذي نشره في الأهرام يوم 29 نوفمبر الماضي حول دمج الأحزاب، وأن الأحزاب ليس لها ظهير ومجهولة و معزولة تماما عن الشارع .
وتطرق الحوار حول الحراك السياسي الذي تشهده الدولة المصرية من خلال تحولات ملموسة علي أرض الواقع، خاصة وان الدولة جادة في الاهتمام بكل فئات المجتمع بشكل لافت للنظر وتهتم بالكفاءات والشباب والمراءه وكافة أطياف المجتمع .
واتفقنا علي أن هذا الاهتمام جاء بعدما لمست الدولة أن الأحزاب عجزت عن تنفيذ هذا التوجه .. بسبب التمسك الغير مبرر بالكراسي ووهم الزعامة حتي تحول بعضها إلي عزبه أو أحزاب أسرية.. تتكون من رئيس الحزب وزوجته وأبناءه في الهيئا العليا للحزب .. وهناك رئيس حزب قام بتعيين ابنه البالغ من العمر 11 عام أمينا للصندوق ورفضت اللجنة وأعادت الأوراق إلي الحزب ورفضت الأمر جملة وتفصيلا .
قس هذا الأمر علي أكثر من 40% من احزاب مصر تسير علي هذا النمط .. وهناك احزاب ليس لها مقر واحد وأحزاب أخري عبارة عن شقة يمتلكها رئيس الحزب ويصدر بيانات وهمية من غرفة نومه .. وأحزاب أخري يمارس رئيسها مهام الحزب من مقهى في وسط القاهرة.. فظهرت الأحزاب بالشكل المخزي الذي نراه الآن .
لا نعمم هذا الأمر علي كافة الأحزاب .. فهناك أحزاب تشبه المؤسسات المتكاملة مثل حزب الحركة الوطنية – حزب حماة وطن – حزب إرادة جيل – الشعب الجمهوري – المؤتمر .. هذه الأحزاب متكاملة الأركان .. لا أتحدث هنا عن حجم التمثيل في البرلمان .. هذا الأمر له حسابات مختلفة تماما، بدليل أن حزب مستقبل وطن يمتلك الأغلبية وهو يفتقد تماما للشعبية الحقيقية علي الأرض .
وقلت للزميل محمود مسلم أن الدولة تشارك في هذه المهزلة بشكل غير مقصود أو ربما يكون مقصود للتقليل من أعداد هذه الأحزاب وكان طلب الرئيس في عام 2018 بمحاولة تقليل عدد الأحزاب عن طريق وضع صيغة دستورية أو الدمج في عدد محدود .
نعود الي سؤال مطروح .. في الشارع هل الدولة في حاجة الي أحزاب جديدة ؟ .. أم دمجها أصبح واجب كما طالب محمود مسلم رغم بزوغ حزب جديد سيكون له تأثير بالطبع في الشارع ويحاول ان يكون ظهيرا حقيقيا للدولة ومساندتها وقت الأزمات وخاصة وان هذا الحزب رفض انضمام 300 عضو من أعضاء حزب مستقبل وطن.
الإجابة من وجهة نظري أن عدد الأحزاب قليل قياسا بعدد سكان مصر، والدولة تحتاج الآن إلي أحزاب جديدة لمساندتها خلال الفترة القادمة، مع الحفاظ علي الهيكل الحالي للأحزاب رغم سوء إدارتها من جانب المسئولين عنها، لأن هذه الأحزاب تقف حائط صد في مواجهة التهديد الحقيقي الذي يواجه دولة محورية كبيرة ومؤثرة مثل مصر .
وحسنا فعلت الأحزاب المصرية، خاصة تحالف الأحزاب المصرية، أثناء فترة الدعاية الانتخابية للرئاسة .. وكانت هناك نماذج رائعة فعلا ووعي سياسي يظهر دائما وقت الأزمات.
وبالتالي يجب الحفاظ علي الكيانات السياسية شرط ان تهتم هذه الأحزاب بتطوير نفسها من الداخل، لان هذا التطور يعكس رغبة الدولة والمجتمع فى تعزيز التعددية السياسية وإشراك شرائح أوسع في صنع القرار السياسي وتحقيق التنمية الشاملة.
ومن هنا يجب أن يتم تصحيح العوار الدستوري الموجود حاليا،بعودة لجنة الأحزاب السياسية إلي مجلس الشيوخ ” الشورى “سابقا كما كانت أثناء فترة حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك .
م الآخر الدولة تحتاج إلى توسيع المشهد السياسي وإثرائه بأفكار ومبادرات قادرة على مواجهة التحديات التي تواجه الدولة علي اتساع حدودها ومن هنا يجب أن يكون هناك فعلا احزاب معارضة وطنية بناءة ، فالأحزاب المعارضة تلعب دورا حيويا في نقد السياسات القائمة وتقديم بدائل مبتكرة، بينما تساهم الأحزاب الموالية في توفير الحاضنة الشعبية للسياسات الحكومية وهو أمر منافي للحقيقة فتظهر الديمقراطية العرجاء التي نراها اليوم في أغلب الأحزاب، لان هذه الأحزاب تظهر ” بضم التاء” للقيادة السياسية ان الشعب لا يعاني من أزمات أو زيادة أسعار أو بطالة، وهذا الأمر يجعلنا نسير بسرعة في اتجاه لا يريد احد الوصول إليه.
في النهاية يجب أن نعترف أن الأحزاب غائبة وغيابها تسبب في زيادة الأعباء علي الدولة، لكن في المقابل أن تقييد حركة هذه الأحزاب وراء هذا الغياب وكما قلت عودة لجنة الأحزاب إلي مجلس الشيوخ يعتبر حل سريع وتوفيق أوضاع الأحزاب المتنازع عليه أمر ضروري عن طرق لجنة حكماء يديرها شيوخ السياسة في البلاد وهم كثيرون .
وهنا يجب أن أشيد بتجربة تحالف الأحزاب المصرية الذي قام بتفعيل لجنة بداخله لتوفيق أوضاع الأحزاب المتنازع عليها وهي فكرة رائعة بكل المقاييس ويجب تعميمها علي جميع الأحزاب، الموجودة خارج التحالف تحت إشراف كما قلت لجنة حكماء، هذا اذا كانت الدولة جادة في الحفاظ علي الأحزاب و وتسعي الي الظهور أمام العالم بأنها دولة ديمقراطية تعتمد علي التعددية .
