أخبار عاجلة

دراسة.. هل تشعل الصين الحرائق حول العالم ؟

أرشيفية

وحدة الدراسات

تعد الصين أول قوة تجارية في العالم، ففي عام 2009 تجاوزت صادراتها للمرة الأولى الصادرات الألمانية كما تخطت بفارق ملحوظ الصادرات اليابانية وكذلك صادرات الولايات المتحدة الأمريكية. وفي واقع الأمر فإن هذا الأداء بل “والنهم” قد حققته الصين، حتى قبل هذا التاريخ نظراً لأن الإحصائيات الصينية الخاصة بالصادرات لا تعبر إلا عن بيانات أقل من الحقيقة ، حيث أنها لا تأخذ في الاعتبار الصادرات للشركات الأجنبية العاملة في الصين، ولا تلك التي تعمل بعقود من الباطن. في حين أن هذه الإحصائيات تأخذ في حساباتها قيمة واردات تلك الشركات. وفضلاً عن ذلك، فإن الصين تعد أكبر دولة تحقق فوائض تجارية في العالم بشكل هائل ، حيث تقترب من 250 مليار دولار سنوياً ، طبقاً للأرقام الرسمية للحكومة الصينية بيد أن هذا الرقم يمكن أن يصل بسهولة إلى 600 مليار دولار إذا أخذنا فى الاعتبار قيمة الفائض التجاري الذي تحققه الصين مع كل دولة على حدة من دول العالم.
أما على صعيد القوة المالية فقد استحوذت الصين مع نهاية عام 2010 على نحو 4000 مليار دولار من الاحتياطي العالمي من النقد الأجنبي بما يعادل 80% من الناتج المحلي الإجمالي ، طبقاً لتقديرات 2009 مقارنة بالصناديق التي تدير مجموعة المحافظ الوقائية على المستوى العالمي والتي تصل إلى 2700 مليار دولار فقط ، وتحتفظ الصين بهذه الاحتياطيات في عدة أشكال منها الاحتياطيات الرسمية للنقد في الصين وهونج كونج والتي تبلغ نحو 2900 مليار دولار ، والصناديق السيادية للصين وهونج كونج التى تصل إلى 1100 مليار دولار .. هل تستغل الصين هذه الأموال لاستقرار العالم أم أن العكس هو الصحيح؟

في واقع الأمر تعد الصين الفاعل الأكثر تأثيراً في أسواق النقد الأجنبي للبلدان المتقدمة ، ويمكنها أن توجه الدولار نحو الانخفاض أو الارتفاع مقابل اليورو أو الين. بالإضافة إلى ذلك ، فإن الصين تهيمن بطريقة واضحة على سوق الأوراق المالية والسندات في العالم. وقد استحوذت الصين بنهاية أبريل 2010 على ما يقرب من 850 إلى 900 مليار دولار من السندات الأمريكية ونحو 630 مليار دولار من سندات بلدان منطقة اليورو. غير أن ما حدث في ربيع 2010 كان إنذاراً مزعجاً في بعض الدول الأوربية الأكثر مديونية ، حيث أن أزمة الثقة لدى الدائنين كان يمكن أن تؤدي إلى إفلاس بعض هذه الدول خاصة اليونان ، والتي كان يتعين على صندوق النقد الدولى والبنك المركزي الأوربي وضع خطة إنقاذ لها تتضمن قرضاً بنحو 1200 مليار يورو موزعة على ثلاث سنوات.
ونجد أن الصين باعتبارها الدائن الأول ، لم تبق على الحياد في مواجهة تلك الأزمة وكانت هي الدولة الأولى التي أصدرت إعلاناً عاماً في مارس 2010 فحواه أن اليونان لم تكن إلا جزءاً ظاهراً من جبل الثلج الذي سيعمل على تفشي وانتشار الأزمة المالية في بلدان أوربية أخرى. ومن الملاحظ أنه بمجرد ما تم وضع خطة لإنقاذ ومساعدة اليونان فإن الصين قامت وبصورة شكلية للغاية بشراء سندات عامة جديدة في أسبانيا. إن هذا التصرف من جانب الصين يشبه إلى حد كبير ما نطلق عليه “رجل المطافيء الذي يتلذذ بإشعال الحرائق” ولا شك أن الحرائق التي تواجهها أوروبا لم يتم إخمادها منذ عام 2010، كما يؤكد لنا الحال في أيرلندا وغيرها. إن ما يمكن أن نستخلصه من هذا التصرف هو مدى القدرة التي تتمتع بها الصين في استغلال مكانتها كدائن رئيسي من أجل إضعاف وزعزعة البلدان التى أصبحت مدينة لها بسبب عدم حذرها في إدارة اقتصادياتها.

يعلم الجميع أن هناك صراع قطبي بين بكين وواشنطن، تستخدم فيه الأدوات الاقتصادية بشكل عميق والسؤال هل تؤثر هذه الادوات في حالة القطاع الصناعي الامريكي ؟ الشاهد أنه بدءاً من السنوات الثمانينات وأثناء التسعينيات تنامت بشكل كبير الأنشطة القائمة على العقود التحتية مما سمح بتحقيق أرباح غير عادية لكل من الصين والشركات الغربية ، فإذا ببعض المزارعين بالقرب من مدينة “قوانغتشو” القائمين على زراعة الأرز يصبحون مليارديرات في غضون عشرة أو خمسة عشر عاماً ، كما وصلت الأرباح التي حققتها الشركات الغربية إلى معدل يناهز 15% من إجمالي أنشطتها بفضل العقود التحتية.
وهذا العائد غير المعقول للربحية أصبح مع بداية الألفية الثانية أمراً مألوفاً وعادياً بالنسبة للشركات الكبرى التي تستثمر في الصين، وعندما نتحدث عن هذا المعدل العادي للأرباح، نجد أنه لم يكن بمحض الصدفة أن تصبح الصين عضواً في منظمة التجارة العالمية عام 2001 ، مع كل التبعات التي تلت هذا الانضمام . ومع معدل للأرباح يصل إلى 15 % فإن الأنشطة تسارعت في الصين تاركة وراءها عملية هروب للصناعات ظهرت بداية من الولايات المتحدة لتمتد إلى أوروبا حتى وصلت إلى اليابان. وفي السنوات التسعينات كان عملية هروب الصناعات تجاه الصين غير ملحوظة بدرجة كافية.
والقليل من الاقتصاديين ثاقبي النظرة هم الذين دقوا ناقوس الخطر، منهم على سبيل المثال “موريس إلياس وإيمانويل لوى”، حيث كانا على وعي باللأخطار التي تتضمنها عملية نقل خطوط إنتاجية بالكامل من الدولة الأم إلى الدول الآسيوية ، وقد أنطبق ذلك أيضاً على العاملين في هذه الشركات في حين يزداد في الوقت نفسه الضغط على العاملين في مجال البحث والتطوير أو ممن يعملون بالإدارة، … هل تعى واشنطن الأضرار الاقتصادية المحدقة بها؟
إلى قراءة قادمة متممة ومكملة .

عن سيد العادلى

شاهد أيضاً

زيادة أسعار البن والشاي والكاكاو بنسبة 24% في الأسواق المحلية خلال ديسمبر الماضي

ارتفعت أسعار والبن والشاي والكاكاو بنسبة 24% فى الأسواق المحلية، على أساس سنوي خلال شهر …