حازم عبده.. أستانا مدينة الحمائم

لا يمل الزائر من السياحة في مدينة أستانا، العاصمة الفتية لجمهورية كازاخستان، فذكرياتي معها تعود لنحو خمسة عشر عاماً، عندما زرتها للمرة الأولى قبل أن تتوسع وتتضاعف مساحتها، ولا يغيب عني في هذه المدينة مشهد الورود التي تزين شوارعها ويفوح أريجها كأنني أتجول في ربيع حديقة غناء، وكذا مشهد أسراب الحمائم في أحياء المدينة، وحين سألت عن كثرة الحمام،عرفت أنهم يسعدون بمشهده ولا يأكلونه، فاستغربت جداً كيف لا يأكلون الحمام بينما يأكلون لحم الفرس ويشربون لبنه، بل ذات مرة حدثني صديقي الدبلوماسي الكازاخستاني القدير السفير، طلعت شالدنباي، سفير بلاده لدى الأردن حالياً، بأن لحم الفرس يتعرض للغش أحياناً، فقلت كيف؟ قال: يخلطونه بلحم الضأن، فقلت الناس فيما يأكلون مذاهب.
زرت أستانا للمرة الأولى عام 2010 على متن رحلة مصر للطيران إلى العاصمة القديمة ألماتي التي قضيت فيها يوماً، زرت خلاله عدداً من معالم المدينة والمركز الثقافي المصري والمركز الثقافي السعودي، وقابلت الراحل الدكتور محمود فهمي حجازي، الرئيس الأول للجامعة المصرية الكازاخستانية في ألماتي، ثم أخذت طائرة (إيرأسطنة) إلى العاصمة أستانا التي تبعد مسافة ألف ومائتي كيلومتر عن آلماتي، استغرقت الرحلة نحو ساعة ونصف، لأجد نفس قبل الهبوط فوق لوحة فنية بديعة في مبانيها وشوارعها واستقامتها وخضرتها والغابات المحيطة بها وتنتشر في قلبها.
حين شرع الرئيس الأول لكازاخستان، نور سلطان نزار باييف في العاصمة الجديدة أراد لها أن يبتعد بها عن أنياب التنين الصيني الذي لا يبعد سوى مسيرة ساعة بالسيارة عن العاصمة ألماتي، وأن تكون في الشطر الأوروبي من البلاد لينقل انتماءها من آسيا إلى منظمة الأمن والتعاون الأوروبي، فوقع اختياره على هذه القرية الصغيرة على ضفاف نهر يسيل الهادىء وبني مدينته، وضخ من فوائض عوائده النفطية والزراعية والتعدينية خمسين مليار يورو، لتصبح العاصمة السياسية والقاطرة للانتقال الاقتصادي الجديد للبلاد، و قد درست مصر بالفعل هذه التجربة قبل أن تشرع في العاصمة الإدارية الجديدة، حيث زارها وفد مصري رفيع المستوى للاطلاع على هذه التجربة.
باتت أستانا الآن عاصمة لحوار الأديان باستضافتها للكونجرس العالمي لقادة الأديان كل ثلاثة أعوام، عبر مركز نور سلطان نزارباييف لتنمية الحوار بين الأديان والحضارات، وقد استضافت العديد من مؤتمرات ومباحثات السلام، و معرض أكسبو 2017 وهو المعرض التكنولوجى الأكبر عالمياً، وقد زرته واطلعت على أحدث ما أنتجه العقل البشري من تقنيات مبهرة.
واصل الرئيس الحالي قاسم جومارات توكاييف رعاية المدينة واستكمال مخططاتها، محافظاً على هويتها الآسيوية والأوروبية والإسلامية، لمواصلة عملية البناء ومحاربة الفساد وتصحيح المسار في كثير من المجالات التشريعية والتنموية في البلاد التي واجهت العام الماضي أعنف فيضانات في تاريخها الحديث، كانت على حد تعبير توكاييف بمثابة اختبار خطير للبلاد فقد تسببت الفيضانات في دمار واسع النطاق، وألحقت أضرارًا بالمنازل والطرق والجسور والمرافق، واعترف الرجل أنه كان من الممكن تجنب مثل هذه العواقب الوخيمة إذا تم إيلاء الاهتمام المناسب لبناء السدود وغيرها من الهياكل الهيدروليكية، وبالفعل تمت الموافقة على مفهوم وخطة شاملة لإدارة موارد المياه. من خلال بناء أكثر من 40 خزانًا جديدًا وإعادة بناء 37 خزانًا قائمًا، وتحديث أكثر من 14 ألف كيلومتر من قنوات الري حتى عام 2030.

_______________________

نقلا عن اللواء الاسلامي

عن حازم عبده

شاهد أيضاً

إمام عاشور يسجل هدف التعادل للأهلي أمام استاد أبيدجان

سجل إمام عاشور لاعب الأهلى هدف التعادل لفريقه أمام استاد أبيدجان فى الدقيقة 53 من …