أخبار عاجلة

ما هي الأهمية الإستراتيجية لليبيا بالنسبة لمشروعات روسيا الإفريقية ؟

بوتين

المراقب : فسم الدراسات

سقط النظام السوري، نظام بشار الأسد، لم يكن بعيدا عن السقوط لأسباب كثيرة، ربما في مقدمها، تفكك وتحلل النسيج المجتمعي السوري،والذي كان قد بلغ حالة متردية من النزاعات الأهلية والطائفية .
لم تصب خسائر السقوط نظام الأسد وأتباعه في الداخل السوري فحسب، بل إنعكس الأمر على حلفاء سوريا التاريخيين، وفي مقدمهم الروس، أولئك الذين أرتبطوا بعلاقات متقدمة مع الأسد الأب وحزب البعث قبل نحو خمسة عقود .
ولعل السؤال الآني :” هل خسر الروس كثيرا بغياب النظام الحليف الذي مكنهم من حلمهم القديم ؟
كان الحلم من زمن بطرس الأكبر وكاترينا العظيمة، هو الوصول إلى المياه الدافئة في المتوسط، وهو ما أدركته روسيا بوجودها عبر الموانئ السورية .
غير أنه من الواضح جدا، أن الأسد قد اضحى في السنوات الأخيرة يشكل أزمة للروس لا حلا ، إذ فقد أقرب داعميه، من خلال إصراره على الرؤية الأحادية .
ولعل ما ساعد في هذا السقوط السريع، الدور التركي، الذي أعتبره المفكر الروسي والفيلسوف الشهير” ألكسندر دوغين” نوعا من أنواع الخيانة التي أقدم عليها أردوغان، وسيدقع الثمن .
لكن دوغين في الوقت عينه أكد على أن ” الروس أجلوا لفترة طويلة تلك النهاية المأساوية لبشار الأسد، رغم الجهود الهائلة التي بذلتها موسكو من أجل دعمه”.
” من المحزن رؤية كل الجهود الروسية التي بذلت تتحول إلى لا شيئ في بضعة أيام “.
هكذا يعترف ودغين بأن كل ما قامت روسيا بعمله في روسيا، قد بات في مهب الريح، سيما مع نظام إنتقالي ذو طابع دوغمائي، حكما لن يكن حليفا لروسيا، مهما أدعى غير ذلك .
من هنا يمكننا التساؤل :” كيف ستحرك روسيا قطعها الشطرنجية على خارطة العالم الجيوسياسية لا سيما في منطقة الشرق الأوسط ، وهل تمتلك بالفعل موقع قدم أخر على المتوسط، حان الوقت للدفاع عنه بكل ما أؤتيت من قوة ، سيما في ضوء الأزمات الجيوسياسية المحيطة بها في شرق آسيا، من أوكرانيا تارة، ومن جورجيا الملتهبة تارة أخرى ، عطفا على العديد من الملفات الشقاقية لا الوفاقية عسكريا، واقتصاديا، أمنيا ومجتمعيا ، طوال العقدين المنصرمين ؟
لم تكن سوريا بالنسبة لسوريا مجرد حاضنة لقاعدة بحرية أو أكثر، بل موطئ قدم للقفز على القارة السمراء، والتي تعد ملعب الأمم الصاعدة في بقية القرن الواحد والعشرين.
” إن خسارة القواعد العسكرية في سوريا من شأنها أن تقوض بشكل خطير قدرة الكرملين على تنفيذ عمليات في إفريقيا . كما أنها من شأنها أن تضعف موقف روسيا في ليبيا وافريقيا جنوب الصحراء الكبرى وتثير الشكوك حول نفوذها على الأنظمة الإستبدادية الإفريقية”.
هكذا يقر الباحث الروسي الأصل” إيفان دياكونوف”، من معهد دراسة الحرب في واشنطن، معتبرا أن القاعدة البحرية الروسية في طرطوس قدمت الدعم اللوجستي لعمليات الكرملين في القارة الإفريقية.
لم يكن إيفانوف وحده من توقف أمام الخسائر الروسية في سوريا، ذلك أن العديد من المحللين في المعهد عينه قطعوا بأن خسارة موسكو من خلال سقوط نظام الأسد، سيعطل تناوب الأفراد وإعادة الإمداد وقدرة روسيا على فرض قوتها العسكرية في المنطقة .
على أن الخوف الأكبر بالنسبة للروس يتمحور حول الضعف الذي سيواجه النفوذ الروسي في ليبيا، وإفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، هناك حيث تسعى موسكو للحفاظ على نفوذها.
كيف يمكن لموسكو أن تواجه هذه النازلة بطريقة تكتيكية تجنبها خسارة إستراتيجية في منطقة لازالت تمثل أرضا خصبة لصراع متعدد الأطراف ؟
المؤكد أن الكرملين سيحاول تعويض خسائره من خلال زيادة وجوده في ليبيا أو السودان ، لكن الإفتقار إلى الإتفاقيات الرسمية مع هذه الدول والبنية التحتية الضعيفة من شأنه أن يعقد مثل هذه الخطط .
لا يبدو الأمر بالنسبة لروسيا مجرد خسارة لوجستية، على أهميتها، بل تراجعا في مصداقيتها وموثوقية نفوذها عالميا ، ذلك أن إنهيار نظام الأسد وعجز موسكو عن الحفاظ عليه ، سوف يلحق ضررا كبيرا بصورة روسيا العالمية كحليف موثوق ، فضلا عن التشكيك في نفوذها على أنظمة العالم الثالث التي تسعى روسيا إلى دعمها ، فيما هدفها الجيوسياسي الأبعد، هو إعادة بلورة ذاتها كقوة عظمى عالمية .
ما الذي يمكن لموسكو فعله على ساحل المتوسط في الأوقات الحاضرة؟
الحقيقة المؤكدة، هي أن القواعد العسكرية الروسية في سوريا لم تعد آمنة، سيما في ظل سطوة جماعات المعارضة السابقة، والتي لن تغفر للروس دعمهم للأسد منذ عام 2015 بنوع خاص وحتى فراره لاجئا.
من هنا تبدو أفضل أحلام موسكو، الإنسحاب العقلاني غير الفوضوي، وحتى لا يضحى مماثلا لإنسحاب أميركا من أفغانستان في بدايات حكم جو بايدن.
يمكن لروسيا وعبر التفاهمات الماورائية مع تركيا وإيران ، والأولى باتت عدو واضح، فيما الثانية ترتبط مع موسكو برباطات براغماتية لا إيديولوجية أو دوغمائية ، يمكنها سحب قطعها البحرية وعديد جنودها من على الأرض بصورة منطقية، لكن ذلك لابد وأن يكون خسارة تستدعي الإختصام من حظوظ القيصر بوتين.
يشعر المدونون العسكريون المتطرفون في روسيا ، والذين قاتل العديد منهم في الحرب السورية أو غطوا أحداثها بالإنزعاج إزاء سقوط نظام الأسد ، وينتقدونه بإعتباره فشلا أخر للسياسة الخارجية الروسية في ممارسة والحفاظ على النفوذ في المناطق ذات الأهمية الإستراتيجية .
من هنا يبدو جليا أنه لابد وأن تملأ روسيا- بوتين مربعات نفوذ جيوسياسي في مواقع ومواضع أخرى في ذات المنطقة المتوسطية.
هل من موقع أو موضع جاهز بالفعل لإحتضان المزيد من النفوذ الروسي أنفع وأرفع من ليبيا ؟

___________________
الى قراءة قادمة

عن سيد العادلى

شاهد أيضاً

رئيس الأركان الإسرائيلي السابق: حماس خدعتنا قبل هجوم 7 اكتوبر

وكالات قال رئيس أركان الجيش الإسرائيلي السابق هرتسي هاليفي، إن حركة “حماس” تمكنت من خداع …