نادر جوهر يكتب عن.. “غزه والجونه”

انطلقت منذ يومين الدوره السادسه لمهرجان الجونه السينمائي، هي دوره استثنائيه واجهت صعوبات واستثناءات ولكنها رغم ذلك تعتبر انجح دورات المهرجان منذ إنشاءه. سبق وان قامت اداره المهرجان منذ شهرين بتأجيل المهرجان قبل افتتاحه بثلاثه أيام بسبب الحرب في غزه، وبعد وصول عدد كبير من المشاركين والصحفيين لمكان الحدث واضطرارهم للمغادرة، وهو امر كفيل بقتل أي مهرجان او حدث فني ثقافي، كذلك وجود حاله حرب دائره علي حدود الدوله المقام بها مهرجان سينمائي كفيل بإفشاله، ولكننا نري دوره ناجحه ولها دورا وصوتا قويا في مجال المهرجانات السينمائية، وصناعه السينما وأيضا في الاحداث السياسيه المحيطه بمكان عقد المهرجان.
تميزت الدوره السادسه للمهرجان بعدم تجاهل الحدث الاكبربالمنطقه وهو حرب غزه، ولم تفعل ما تقوم به دول الخليج والسعوديه خاصه، بتنفيذهم الاجنده الثقافيه وجميع الاحتفاليات مع تجاهل مايحدث بغزه، بل رفض ذكر الامر او منع حمل علم فلسطين او الكوفيه الفلسطينيه اثناء أي احتفاليه، وهو الامر الذي يظهر الفرق الحضاري ومستوي الحريات والفكر بين مصر ومنطقه الخليج، فالدوره السادسه لمهرجان الجونه خصصت جزءا كبيرا من برنامجها لمساعده غزه، فيتم عرض عشره أفلام فلسطينيه جميعهم متميزون بجوده سينمائيه عالميه، وشارك في إنتاجهم بالاضافه للفنانين الفلسطينيين مؤسسات دوليه، في محاوله لعرض صوره للفلسطينيين كشعب له منهج وجانب ثقافي وفني مثل كل شعوب الأرض، وذلك بديلا عن الصوره الوحيده التي نراها في الاعلام الدولي المركزه علي مقاتل حماس في صورته الملثمه، او مناظر المهجرين ومن يعانون من الحرب، فالمهرجان يعيد تذكير العالم بوجود شعب يحمل هويه وثقافه وله حقوق.
لم يساعد المهرجان غزه بإظهار صوره حضاريه للفلسطينيين فقط، ولكن غزه أيضا ساعدت المهرجان في انتشاله من براثن الصحافه والاعلام المصري الهابط، والذي حوله خلال الدورتين السابقتين الي مهرجان للعري مركزا علي ملابس الفنانات ومصممي أزيائهم متناسيا الحدث الثقافي والفني والسينمائي ربما الأكبر بالبلاد، فالسجادة الحمراء في هذه الدوره تحولت الي اللون الرمادي والحضور كان ملتزما والفكر السينمائي كان طاغيا. كذلك هناك تغير بوجود مشاركه حتي ولو كانت ليست بالقوه المطلوبه من وزاره الثقافه وهيئه تنشيط السياحه، بعدما تم التخلص من فكره ان مهرجان الجونه منافس لمهرجان القاهره السينمائي، لان كلاهما له دوره وافكاره والتزاماته، ونجاحهما هو واجب علي كل مثقف ومسئول بمصر.
ماينقص المهرجان هذا العام هو عدم وجود شخصيه فنيه عالميه كأحد نجوم هوليوود او السينما في أوروبا، لصعوبه حضورهم بسبب رفض مديري أعمالهم او شركات التآمين بتواجدهم في منطقه الشرق الأوسط بسبب الحرب في غزه.
نجاح المهرجان أيضا قائم علي الفكر والاداره، فمؤسسي المهرجان وهم رجلي الاعمال نجيب وسميح ساويرس استغلا ذكاء البيزنس والذي يتفوقان فيه في أقامه وتشغيل المهرجان، فتجد استغلالا جيدا لمدينه الجونه وإمكانياتها في استضافه المهرجان، وسهوله الحركه والانتقال والاقامه، ووضوح المعلومه والاعتماد علي شباب متعلم ومثقف يتحدث عده لغات يساعدك في كل مكان تتواجد به، كذلك توافق الأخوين ساويرس مع احداث المنطقه وصعوباتها، من حرب وسياسه واقتصاد، لظهور النسخه السادسه من المهرجان بنجاح تام.
من خلف المهرجان يقف بالطبع مديره انتشال التميمي بخبرته، ووصول ماريان خوري كمديرة فنيه، وهي القادمه من عائله يوسف شاهين وهي الأكثر خبره في مصر في مجال السينما الدوليه ومهرجاناتها، بعد رحيل الأستاذ يوسف شريف رزق الله، وديناميكيه الفنانه يسري، ومسانده شركه أوراسكوم، ومسانده الأمم المتحده للمهرجان باعتباره يقدم عملا فنيا من اجل الانسانيه، كما وصفته ممثله الأمم المتحده بمصر، وبالطبع الشخصيه التي تعمل طوال العام في صمت، والمسئول عن التنظيم بالكامل، واختيار طاقم الشباب المصري الناجح والمشرف المتواجد بكل أروقه المهرجان وهو الأستاذ عمرو منسي.
نأمل في الدورات القادمه للمهرجان من زياده الدعم الموجه له، حتي لايقتصر علي مجموعه أوراسكوم، فعلي المؤسسات الماليه والاقتصاديه والشركات العملاقه الأخرى القيام بدورها المجتمعي، بدعم المهرجان ماليا حتي يكون منافسا حقيقيا لمهرجانات هوليوود وأوروبا وهو امر ليس بالصعب تنفيذه.

عن

شاهد أيضاً

الدكتور أحمد سعيد رزق يكتب رأي المراقب اليوم.. “عود_على_بدء “

يمثل إبراهيم عيسى ورفاقه النموذج المبتذل لمدعي الثقافة والتنوير، إلى الآن لا تفهم لهم مدرسة، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *