نادر جوهر يكتب.. الشرق الاوسط .. لا فائز ولا مهزوم

نادر جوهر

مشكله الشرق الأوسط انها ليست مشكله محليه، ولكنها مشكله دوليه، اللاعبون فيها محليا هم إسرائيل والفلسطينيون، ودولتي الجوار مصر والأردن، بالاضافه الي سوريا الجريحه، وتدخل السعوديه بمحاولتها الهيمنة السياسيه علي المنطقه، والإمارات المطبعه مع إسرائيل، وقطر الداعمه لكل ماهو إسلام سياسي، واخيراً دخلت اليمن في اللعبه. اما اللاعب المحلي المشاكس فهو ايران وأذرعهتا حماس، وحزب الله، والحوثيين، وميشليات العراق وسوريا، هناك أيضا المتفرج التركي.
اما علي المستوي الدولي فهناك أمريكا وحليفتها إنجلترا، بالاضافه الي الاتحاد الأوروبي والأمم المتحده، ولاتنس روسيا رغم انشغالها بأوكرانيا.
في الماضي كان من الممكن لمصر عقد مؤتمر سلام بشرم الشيخ تحضره كافه الأطراف، ويصل الي نتائج ان لم تكن حاسمه الا انها علي الأقل توقف سحب فتيل انفجار المنطقه، لكن السياسه الدوليه المتوتره بسبب حرب أوكرانيا، ومشاكل ايران وميليشياتها بالمنطقه، وسيطره اليمين المتطرف علي حكومات إسرائيل، والدعم الأمريكي الاعمي لإسرائيل، وعقده الذنب الاوروبيه في التكفير عن معاداه الساميه واضطهاد اليهود لقرون طويله، مما يسبب للأوربيين تردد وخوف من إعلاء صوتهم، وضف علي ذلك ضعف السياسه الدوليه المصريه، وتقزم دورها الشرق أوسطي بما لايسمح لها بضمان نجاح او حتي مشاركه المدعوون لأي مؤتمر سلام مرتقب.
حرب غزه اعادت مشكله الشرق الأوسط الي الواجهه، وبالطبع أساس المشكله هو امن إسرائيل وحقوق الفلسطينيين، ولكن إنهاء الحرب او بدايه أخذ خطوات للوصول الي حلول سياسيه للمشكله يواجه صعوبات، تبدأ بطرفي النزاع، فحماس هي كيان مكروه من غالبيه النظم السياسيه في العالم العربي، فهي آخر معاقل تنظيم الاخوان المكروه من مصر ودول الخليج، ويعتبرها الكثيرون هي السبب الرئيسي في انفصال غزه عن الضفه الغربيه، ورفضهم اجراء انتخابات متمسكين بالسلطه، وتحالفهم مع ايران، حتي في هجومهم يوم ٨ أكتوبر يري الكثيرون انه كان من الممكن ان ينالوا تعاطفا دوليا اكبر، لو اقتصر هجومهم علي المقرات العسكريه، دون ان يأسروا أطفالا، وسيدات فوق الثمانون عاما وعمال أجانب.
اما إسرائيل فقد تلاشي منها صوت العقل، الذي لفتره تجاوب مع السلام، وعقد اتفاقات سلام مع مصر والأردن، وأوصلت عرفات الي رام الله. لكن تلاشت جماعات السلام الآن، وتلاشي اليسار الإسرائيلي، وأصبح توجه المجتمع يميني المزاج، مما أوصل اليمين المتطرف الي السلطه والي رئاسه الوزراء، وأصبحت سياسه الدوله الاسرائيليه قائمه علي أفكار دينيه متطرفه، وقائمه علي وعود من الرب بارض موعوده، وافضليه جنس بشري علي الجنس الآخر، والعجيب ان المواطن الإسرائيلي العلماني غض النظر عن هذه الأفكار، طالما ان الاقتصاد مزدهر، وان هؤلاء المتطرفين منعزلين في القدس او في الكيبوتز، التي يتم إنشاءها في أراضي يتم الاستيلاء عليها، والطامه الكبرى هي في رئيس الوزراء المكروه محليا ودوليا، والمتمسك بالسلطه لآخر نفس، حتي لايتعرض للمسائلة او المحاكمه.
طرفي النزاع الرئيسيين في هذه الحرب لن يحققوا نصرا باهرا، فحماس لن تعود القوه الحاكمه الوحيده في غزه، وأكثر ما قد تصل اليه هو مشاركه بعض من أعضائها في حكومه فلسطينيه جديده، وبطريقه مستتره، اما إسرائيل فانها فقدت الدعم الدولي الكبير لها كدوله ديمقراطيه، تحمي نفسها من الإرهاب والديكتاتوريات المحيطه بها، وهو الامر الذي نجحت فيه بجداره، بمساعده آله الاعلام الدولي المسانده لها، ولكن السوشيال ميديا أوصلت صوره مخالفه للمواطن حول العالم، والذي اصبح يري آله حرب شديده البأس، كما بدأ يستمع لما هو حقوق الشعب الفلسطيني، وهذه هي الهزيمه الكبرى لإسرائيل، بعد نجاح متواصل لمده ٧٥ عاما، وفي رأيي ان الشعب الإسرائيلي يجب ان يحاكم نتانياهو علي خساره معركه الصوره الدوليه لإسرائيل امام العالم، قبل محاكمته علي الفساد او التقصير الأمني في مواجهه ضربه حماس، او إصراره علي البقاء في السلطه، رغم فشله في اداره الحرب او تحرير الأسري.
اليد الطولي والكبري في النزاع هي الولايات المتحده الامريكيه، وما تطلقه من تصريحات الدوله الفلسطينيه والاعتراف بها، هو كما يقولون في الشام طق حنك، فهناك عدم توافق بين سياسه الاداره الامريكيه والكونجرس، والتأييد الاعمي لإسرائيل لن يتلاشي خلال أيام، وكل قرارات بايدن قائمه علي تأثيرها في حملته الانتخابيه، وتدخله بضربات في اليمن لن يمنع الحوثيون من مواصله هجماتهم، وكان الاجدر العمل علي وقف إطلاق النار، لاسقاط مبرر الهجمات علي السفن، أضف الي ذلك ان بايدن لا يود مواجهه مباشره مع ايران، كما ان ايران بعد فقدها لسليماني فان بعض الميليشيات المسلحه التي تقوم بتمويلها، أحيانا لم تعد تستطيع التحكم في قراراتها مائه بالمائه كما كان يحدث سابقا، ولهذا نري هجوما علي قواعد امريكيه، وموت جنود أمريكيين مما يقوّد من مصداقيه بايدن.
إيقاف الحرب يحتاج من الشعب الإسرائيلي التخلص من نتانياهو وحكومته، وتكوين حكومه سلام وليس حكومه حرب وانتقام، حتي تنال احترام المجتمع الدولي، وإنشاء الدوله الفلسطينيه حتي لو أعلنت أمريكا وأوروبا استعدادهم للاعتراف بها هو امر اصبح في غايه الصعوبه، لتآكل الأرض الفلسطينيه، وعدم قدره أي حكومه اسرائيليه، او المجتمع الدولي، علي طرد ٤٥٠ الف مستوطن إسرائيلي، ولكن علي إسرائيل أولا ان تضع حدودا دوليه، وتعلن وقف الاستيطان والتوسع نهائيا، ويتم وضع قوات سلام دوليه لفتره عشر سنوات قابله للتجديد، تكون مهمتها وقف أي انشطه توسعيه من جانب إسرائيل، او أي التماس بين الجيش الإسرائيلي والفلسطينيين، ووقف أي نوع من التسليح بالضفة وغزه، وان يتم خلق ممرا آمنا بين الضفه وغزه بعد اجراء انتخابات ديمقراطيه، ويتم منح الفلسطينيين مطارا وميناءا وعمله محليه ونظام ضرائبي، ويتم توقيع اتفاقيات اقتصاديه تتيح الحركه والتنقل بين طرفي النزاع، وان يكون للأردن ومصر كدول جوار دورا مساعدا اقتصاديا وسياسيا، والا فان الالاف الذين ماتوا في غزه والمئات الذين ماتوا في إسرائيل والعداء الشعبي المحتدم سيزيد بل سيتضاعف في حاله انفجار المنطقه بأكملها.

عن نادر جوهر

شاهد أيضاً

الدكتور أحمد سعيد رزق يكتب رأي المراقب اليوم.. “عود_على_بدء “

يمثل إبراهيم عيسى ورفاقه النموذج المبتذل لمدعي الثقافة والتنوير، إلى الآن لا تفهم لهم مدرسة، …