دراسة تجيب علي هذا السؤال.. هل العالم مهدد نوويا من جديد؟

أرشيفية

وحدة الدراسات بالمراقب:-

لم يعد سرا أن الهدوء الذي ساد ” نوويا ” ، بنوع خاص، بعد سقوط الإتحاد السوفيتي ونهاية الحرب الباردة، قد تبخر في السنوات الأخيرة، والتي تشهد تسارعا نوويا، لا سيما بعد إضافة المعضلة النووية الصينية إلى المعادلة الدولية .
تبدو موسكو في طريقها لإستعلان نووي جديد ، ففي أواخر العام الماضي ، قالت وكالة الإعلام الروسية ، نقلا عن وزارة الدفاع الروسية كذلك، إن موسكو نشرت صاروخا باليستيا عابرا للقارات من طراز ” يارس” في قاعدة كوزلسكي في منطقة كالوغا جنوب غرب موسكو.
تصف روسيا الصاروخ يارس ، الذي تم تطويره في الألفينيات والذي يقدر على حمل رؤوس نووية حرارية متعددة، بأنه أحد الأسلحة النووية القادرة على إختراق الدرع الصاروخي الذي تمتلكه الولايات المتحدة وحلفاؤها.
لا يبدو أن يارس سوى عينة من أسلحة نووية إستراتيجية تطورها روسيا ، وتكاد تخبئها عن الأعين، في صوامع تحت الأرض، رغم أنها لا تغيب عن عدسات الأقمار الإصطناعية الأميركية المتقدمة .
وحال الأخذ في عين الإعتبار ، إعلان روسيا إنسحابها من معاهدة حظر التجارب النووية ، فإن القارئ له أن يتصور المسافات الواسعة والمساقات الشاسعة للقدرات الروسية النووية اليوم وغدا .
الجانب الأميركي والذي يعد محور إرتكاز الناتو، بدوره عاد مرة جديدة لنشر الصواريخ النووية في عموم القارة الأوروبية، وهناك ما تم الإعلان عنه ، وهناك ما بقى سرا في الماورائات العسكرية .
على سبيل المثال، كشفت وثائق لوزارة الدفاع الأميركية البنتاغون ، أن الولايات المتحدة ماضية قدما في نشر أسلحة نووية حديثة في بريطانيا لأول مرة منذ 15 عاما، في ظل تهديد متزايد من روسيا .
صحيفة التليغرام البريطانية التي نشرت محتوى الوثائق ، أفادت بأن رؤوسا حربية أقوى 3 مرات من قنبلة هيروشيما في طريقها للنقل إلى قاعدة ” لاكنهيث” التابعة لسلاح الجو الملكي البريطاني في مقاطعة سوفولك شرقي بريطانيا .
لم تكن هذه هي المرة الأولى التي تنشر فيها الولايات المتحدة أسلحة نووية في تلك القاعدة، فقد سبق لها ذلك اثناء الحرب الباردة، وعادت وأزالتها عام 2008 ، بعد إنحسار تهديد الحرب الباردة من موسكو .
أما ما لم يتم الإعلان عنه ، فغالب الظن وبحسب تسريبات أستخبارية روسية، يتصل بمحاولات أميركية جادة في تكثيف الحضور النووي الأميركي في بولندا، الجار الأقرب ، والعدو الأكبر لروسيا منذ الأمس وحتى اليوم .
والشاهد أنه ما بين نشر هولاء وأولئك ، للرؤوس النووية، وكما بلور الأميركيون سيناريوهات للهجمات النووية، فإن الروس بدورهم، رسموا مخططات للمواجهات النووية مع الناتو، وعبر سيناريوهات أقل ما يمكن أن توصف بأنها مخيفة إلى حد الفزع، ومفزعة إلى مستوى الهلع ..ماذا عن ذلك ؟
ولأن الروس يتابعون جيدا تطورات المشهد النووي الخاص بالناتو، وساء كان ذلك فوق الأراضي الأوروبية ، أو في الداخل الأميركي، لذا كان من الطبيعي جدا أن يتوافر لهم سيناريو وربما سيناريوهات إستباقية تحمي البلاد والعباد من الهجمات النووية المحتملة اليوم، والمرتقبة في الغد .
في مارس آذار من العام الماضي، كشف تقرير موقع ” نيوز ري”، أن الجيش الروسي يعمل على بلورة نوع جديد من العمليات العسكرية يتضمن أستخدام القدرات النووية بهدف الوقاية من أي عدوان نووي محتمل من الولايات المتحدة وحلف الناتو .
التقرير ذكر أن مجلة ” الفكر العسكري” التابعة لوزارة الدفاع الروسية نشرت مقالا حول ما يسمى ” عملية الحماية “، بقلم كل من إيغور فازلتدينوف النائب الأول لقائد قوات الصواريخ الإستراتيجية ، والعقيد المتقاعد فلاديمير لومبوف ، أوضحا فيه أن الولايات المتحدة تخطط لتدمير روسيا في إطار ” عملية إستراتيجية متعددة الأساليب”.
منطلقات المقال إيديولوجي قبل أن يكون عسكري، وفيه أن واشنطن قد تميل في لحظة بعينها إلى أستخدام الأسلحة النووية ضد روسيا ، سيما في ظل فقدانها لنفوذها السياسي ، وربما العسكري على الساحة الدولية ولو تدريجيا .
ويرى الخبيران الروسيات ، أن العملية الأميركية المفترضة ضد روسيا قد تشمل في المرحلة الأولى أستخدام الضربة الفورية، وكجزء من هذه العملية ، يخطط البنتاغون لتدمير ما بين 65% و 70% من القوات النووية الإستراتيجية الروسية وتدمير أنظمة الدفاع الصاروخي الروسي، يليه توجيه ضربة نووية كافية لتدمير روسيا .
هل هذا تصور حقيقي عقلاني من الجانب الأميركي، أم أنه مجرد تهويمات من العسكرية الروسية والقائمين عليها ؟
مهما يكن من شأن الجواب، فإن الأمر يبدو وكأن هناك قناعة قوية جدا بالفعل لدى الوزير شويغو ، وزير الدفاع الروسي وجماعة السيلوفيكي المحيطين بالرئيس بوتين ، ولهذا فإن القوات المسلحة الروسية تعمل على تطوير عملية ” ردع إستراتيجي “، تشمل استخدام الأسلحة الإستراتيجية الهجومية والدفاعية ، النووية وغير النووية ، مع مراعاة أحدث التقنيات العسكرية وذلك ردا على تصرفات المعتدي.
وبحسب التقرير ، تحتاج روسيا إلى أن تثبت لواشنطن قدرتها على الردع ، فضلا عن تطوير مجموعة من الأدوات الكفيلة بأن تظهر للقيادة العسكرية السياسية الأميركية استحالة إلحاق ضرر بالغ الخطورة بقدرات الصواريخ الإستراتيجية الروسية ، وأن الولايات المتحدة ستكون هي المتضررة .
هل هذه الرؤة يمكن التعبير عنها في سيناريو واحد بات يعرف بأسم ” القبصة المميتة ” …ما هي التفاصيل ؟
تتلخص الكلمات الأخيرة في الحرب النووية الروسية، في إثنتين، لا ثالث لهما ،” القبضة المميتة”.
يعتبر الرئيس بوتين هو المتحكم الرئيس وصانع القرار النهائي في توجيه ضربة نووية مضادة للناتو، وفقا للعقيدة العسكرية الروسية ، إذ يحمل دوما معه ” الحقيبة النووية”، الصنو والمرادف لنظيرتها الأميركية .
وهناك إعتقاد أخر بأن وزير الدفاع سيرجي شويغو ، ورئيس الأركان العامة جيراسيموف، يحملان حقيبتين أخريين .
هذه الحقيبة النووية التي يحملها بوتين، تشكل أداة اتصال تربط الرئيس بكبار ضباطه العسكريين ومن ثم بالقوات الصاروخية ، عبر شبكة القيادة والتحكم الإلكترونية ” كازبيك” شديدة السرية، ويدعم ” كازبيك” نظاما أخر يعرف باسم ” كافكاز”.
غير أن بوتين يمكنه أن ينشط ما يسمى ” نظام اليد المميتة”، كملاذ أخير ، وهي أجهزة الكمبيوتر التي تقرر ما يسمى ” يوم القيامة ” ويوجه صاروخ تحكم بإطلاق ضربات نووية .
لكن السؤال :” متى يفعل هذا النظام ؟
لاشك أنه يفعل إذا أعتقدت روسيا أنها تواجه هجوما نوويا أستراتيجيا ، فحينها يرسل الرئيس عبر الحقائب أمر إطلاق مباشر إلى قيادة الأركان العامة ووحدات القيادة الإحتياطية التي تحمل رموزا نووية ، لتتسلسل بسرعة إلى أنظمة الإتصالات المختلفة ، ووحدات القوة الصاروخية الإستراتيجة التي تطلق بعد ذلك على ” الأعداء ” أو المهاجمين المفترضين .
هل هذا هو الطريق الوحيد لإشعال روسيا حربا نووية ؟
يبدو أن هناك قصة أخرى مليئة بالأسرار تدور حال غياب القيادة الروسية ، سياسيا وعسكريا، عن الأحداث ، لسبب أو لأخر ، طبيعي قدري، أو من خلال الإغتيالات.
هنا يتساءل البعض :” ماذا لو تم إطلاق صواريخ نووية على روسيا حال غياب الرئيس والوزراء ؟
الجواب السري، غير المعروفة شفراته حتى الساعة، هو وجود نظام عسكري بيولوجي وكيميائي، يستشعر موجات نووية قاهرة غادرة في الهواء، فيبادر من تلقاء نفسه إلى تحديد مصدرها، وإطلاق صواريخ نووية إنتقامية للعدو، ما يعني أنه ليس هناك أمل في نجأة أحدهم من الحرب النووية في الحال أو الإستقبال .

 

 

عن سيد العادلى

شاهد أيضاً

تسريب تسجيل لـ “جالانت”: لا دولة فلسطينية وأميركا تفهم ذلك

متابعات- خارجي أشارت تقديرات الجيش الإسرائيلي أن القتال العنيف في مدينة رفح جنوبي قطاع غزة …