وحدة الدراسات
منذ تول شي جين بينغ منصب الأمين العام للحزب الشيوعي الصيني في 2012 ، بات واضحا أن الرجل سوف يغير المشهد الصيني الداخلي ، وبشكل كامل .
نجح بينغ خل السنوات الماضية في تعزيز سلطة النظام ، وعمل على إبراز نفسه على نحو متزايد على أنه شخصية أسطورية شبيهة بماو تسي تونغ ، رجل نهضة الصين العظيم، والذي غير وجه الصين ، خلال سنوات حكمه ، والتي أمتدت من العام 1949 وحت العام 1976.
نجح بينغ ولا يزال في مجال تثبيت أركان حكمه ،إذ قام بتدشين حملة لمكافحة الفساد أستخدمها في تعيين الشخوص الموالية له ، وإزالة المعراضين السياسيين من طريقه .
كما أنه ومنذ توليه رئاسة الدولة ، أصدر قانون جديد يمنع أي معارضة عبر شبكة الإنترنت ،وبات بينغ اليوم يمتلك أقوى ثلاثة مناصب في الصين : الأمين العام للحزب الشيوعي الصيني ، رئيس القوات المسلحة في البد ، رئيس الدولة .
وعند ” تنغ بياو ” المحامي المتخصص في حقوق الإنسان في الصين ، والمقيم في الولايات المتحدة الأمريكية ، أن الحزب الشيوعي الصيني في عهد بينغ ، تحول من شمولية جماعية إلى فرديية ، فقد قاد بينغ الصين في مسار طموح وشمولي بشكل متساو .
بلغت ذروة قبضة بينغ الحديدة في البلاد عام 2018 ، وذلك حين وافقت الجمعية الوطنية الشعبية ( البرلمان الصيني ) عل مقترح للحزب الشيوعي ، يلغي تحديد فترات بقاء رئيس البد في السلطة ، حيث كان بقاء الرئيس في السابق في منصبه مقيدا بويتين ، مدة كل فترة رئاسية خمس سنوات .
وافق البرلمان الصيني على بقاء بينغ في منصبه لولاية ثالثة ،بحسب البعض ، لمنحه فرصته لإتمام مشاريع لصالح الصين ، سيما أن الصين تواجه أوقاتا مصيرية ، وتخشى من أن تدفع أكلافا غالية لهذه الأوقات ، وتتمثل التحديات التي تواجه بكين في نوعين :
الخارجية : حيث تشهد الصين زيادة في وتيرة التصعيد مع الولايات المتحدة ، والدليل إجراءات التدريب العسكري غير المسبوقة قبالة سواحل تايوان ، عقب زيارة رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي للجزيرة التي تتمتع بحكم ذاتي ، عطفا على إحتمالات المواجهة التي تحتدم من جراء المواجهة القطبية في بحر الصين الجنوبي .
الداخلية : حيث يباطئ النمو الإقتصادي ، إذ إنخفض معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي خلال النصف الأول من العام الجاري ، إلى 2.5% ، أي أقل من نسبة 5.5% والتي كانت الحكومة الصينية ترغب في تحقيقها .
وقد جاءت تلك النتائج السلبية بعد الإغلاقات والقيود الصارمة التي فرضت في وقت سابق من هذا العام ، بسبب عودة فيروس كوفيد19 ، فضلا عن تجاوز نسبة بطالة الشباب عتبة 19.9% في يوليو تموز الماضي ، وهي نسبة تعد الأعلى في البلاد من 2018 .
وفي وسط هذه القلاقل ، كان من الطبيعي أن يصوت أعضاء الجمعية الوطنية الشعبية البالغ عددهم نحو ثلاثة آلاف في جلسة مغلقة على إلغاء المادة التي تحدد الولايات الرئاسية بإثنتين كل منهما خمس سنوات .
الشاهد أنه على الرغم من الموافقة الهائلة على قرار الولاية الثالثة لبينغ ، الإ أن هناك أصوات معارضة داخل الصين ، رأت في أن القرار سيقود إلى حكم الفرد الواحد ، بحسب ما تم التصريح لوكالة أنباء رويترز.
رفض هوء ينطلق من أن فكرة البقاء رئيسا مدى الحياة تعني أن ما أرساه عراب سياسة الإصلاح والإنفتاح ،”دينغ شياو بينغ “، قبل أربعين عاما ، والذي جعل القيادة جماعية ، أنتهى لصالح عودة قيادة الفرد الواحد .
وعند الخبير السياسي ،”هوا بو “، الذي يقيم في بكين ، فإن بعض النواب المتمسكين بإصلاحات ، دينغ شياو بينغ “، يعتقدون بأن هذا التعديل هو عودة إلى الوراء .
وهنا يمكن الإستنتاج ، أنه وعلى الرغم من الشعبية الهائلة التي يتمتع بها الرئيس بينغ ، الإ أن العديد من المراقبين ، يرون في منهجه حيادا عن القيادة الجماعية التي ترسخت منذ بداية الإصلاح .
والمعروف أن عدد الولايات الرئاسية الصينية حدد بإثنتين في دستور 1982 ، في عهد دينع شياو بينغ ، وذلك لتجنب أي عودة لحكم الفرد الواحد كما كان الحال في عهد ماوتسي تونغ .
غير أنه وفي ضوء حالة الإنتعاش الكبيرة التي نجح بينغ في إحداثها في الداخل الصيني طوال السنوات العشر المنقضية ، وفي مقدمها الإصلاح الإقتصادي، والحد من التلوث ، وتقليل حدة الفقر ، عطفا على شنه حملات على الإيغور في شينجيانغ ، وقبضته القاسية على المتظاهرين المؤيدين للديمقراطية في هونغ كونغ .
يدعم غالبية الصينيين بينغ حتى وإن كان يزال يواجه العديد من التحديات مثل بطالة الشباب ، والإقتصاد المتباطئ ، وأزمة العقارات المستمرة ، وبالطبع “سياسة صفر كوفيد”.