خلال فتره نصف عام سيتم الإعلان عن انتخابات رئاسيه جديده في مصر، بغض النظر عما سيجري خلال العمليه الانتخابيه بدءا من الترشح، وبدأ الحملات الانتخابيه، وعمليه التصويت وفرز الاصوات وإعلان النتيجه، اوباختصار كم الحريه والشفافيه التي ستتم بها، فانني افكر في طريقه لكسب هذه الانتخابات بل الفوز الساحق بها.
ومن اجل الوصول لهذا الفوز الساحق والنزيه، فانا اري ان وضع المجتمع الاقتصادي والسياسي والديمقراطي لا يشجع علي ضمان الفوز بانتخابات رئاسيه نزيهه، فالجانب الاقتصادي غير مشجع وهناك شبه اعاقه في امكانيه حل المشكله الاقتصاديه، سواء بزياده الإنتاج والاستثمار او بسداد القروض. اما الجانب السياسي فما زلنا نعاني من أحزاب ضعيفه ومجالس نيابيه غير معبره عن أراده الشعب وبها احتكار سلطوي، اما الاعلام فهو نوع جديد لم نعرفه من قبل، وهو اعلام الإنجازات وهو غير مرتبط بجزء كبير من واقع مايحدث بالمجتمع وغير معبر عن المواطن ومشاكله.
وكما نلاحظ ان مسيره الانتخابات الرئاسيه كما يبدوا انه مخطط لها تسير في طريق حملات اعلاميه ضخمه للانجازات، ونشاط قوي لا هواده به لافتتاح اكبر كم من الطرق والمزارع والمصانع ومشروعات الخدمات الاجتماعيه، مع وضع أسباب الازمه الي جائحه كوفيد رغم انتهائها، والحرب في أوكرانيا رغم انحسار جزء كبير من تأثيرها خاصه مع تراجع أسعار القمح والفول والزيوت وأيضا البترول عالميا، ويتوازى هذا مع نزول عدد من قيادات الأحزاب او الشخصيات العامه كمرشحين رئاسيين، لن يكون لهم شعبيه او كاريزما يمكن ان تحقق لايا منهم ٥٪ من أصوات الناخبين.
ولكن اذا كنا جادين في كسب الانتخابات، او حتي اذا تمت الاستعانه بشركه متخصصه ولها خبره في اقوي الانتخابات الاوروبيه او الامريكيه، فانها ستبدأ بثلاث خطوات، أولها معرفه مايريده الناخب المصري، وثانيها دراسه حال المجتمع حاليا، وثالثا هو كيفيه تقديم برنامج او البدء من الآن في خطه تحقيق مايريده الناخب المصري.
وبالتأكيد اول مايريده الناخب المصري هو الوضع الاقتصادي، أي وقف التضخم او باختصار خفض الأسعار، والمرشح الذي ينجح في ذلك هو بالتأكيد الناجح في الانتخابات، فالمواطن لم يعد يتأثر بانجازات الطرق او النقل او المدن الجديده، ولكن مايهمه هو قوت يومه، ووقف انفجار أسعار شراء احتياجاته اليوميه ووقف تآكل مدخراته ومدخولاته .
ولتنفيذ هذه المهمه الصعبه علينا معرفه وضع التضخم والاسعار حاليا وكيفيه خفضهم، الامر بالطبع ليس بالسهل ولكنه أيضا ليس بالمستحيل.
الوضع حاليا كما اعلن البنك المركزي المصري هو وصول التضخم الي مافوق ٤٠٪ لأول مره، وذلك خلال شهر مايو الماضي، وهو مايعني موجه غلاء جديده، البنك الدولي اصدر دراسه تفيد بان دول أوروبا عانت من قيام شركاتها باستغلال ازمه اوكرانيا لرفع أسعار سلعها بالأسواق بنسبه تصل الي ٤٥٪، ورغم رفع البنوك المركزيه للفائده، الا ان الشركات لم تتنازل عن نسبه أرباحها، والوضع في مصر مشابه لذلك، حيث تبدأ المشكله بالسوق السوداء للدولار والمضاربه عليه والاستيلاء علي تحويلات المصريين بالخارج، لترتفع قيمه البضائع المستورده، ثم تدخل البضائع التي يتم طرحها في السوق المصري سواء مستورده او محليه في دائره المنتجين، الذين رفعوا الأسعار دون مبرر، حتي لو كانت منتجاتهم محليه الصنع، ولا يتم استيرادها، ان مشكله الأسعار التي تبدأ بالدولار وسوقه السوداء لتنتهي بسلاسل التوريد، المتضمنة الإنتاج والتسويق والبيع، وفي الإنتاج استغلت الشركات تغير سعر الصرف لرفع أسعار منتجاتها، رغم عدم اعتمادها علي خامات مستورده او قله منها، وبعض هذه الشركات زادت أرباحها بنسبه تصل الي ١٠٠٪.
يتأثر المواطن كثيرا من أسعار السلع الغذائيه والمطاعم، ولا تملك الحكومه او الغرف التجاريه أي قدره علي الأسعار التي تقدمها المطاعم لروادها.
تسويق البضائع أيضا يخضع لموزعين وسماسرة، يضعون نسب ربح تصل أحيانا الي ٥٠٪ ، وينتهي الامر ببائع التجزءه الذي يضع نسبه ربح عاليه، لينكوي المستهلك في النهايه بأسعار تعجزه عن توفير قوط يومه.
العجيب أيضا ان سكان المدن الكبرى كثيرا مايستفيدون من الشراء بأسعار وعروض مخفضه، لانهم يلجئون الي سلاسل السوبر ماركت الكبيره ومستودعات وأسواق الجمله، والتي يمكنها الحصول علي بضائع بأسعار اقل نظرا للكميات الضخمه التي يتعاملون بها، لكن عندما تقترب من القري الصغري والأماكن الفقيره، فان الأسعار تكون اغلي لتعامل المحال الصغيره في كميات قليله ولها تكلفه نقل عاليه.
باختصار فان السماسره والوسطاء والموزعين وتجار الجمله والتجزئه طبقا لدراسات معهد التخطيط القومي وهو جهه حكوميه، تفيد بآنهم يتسببون برفع قيمه السلع الغذائيه علي المواطن بنسبه تزيد عن التكلفه الفعليه للمنتج، وفي نفس الوقت لاتملك الحكومه تشريعات وانظمه او حتي طرق ضريبيه فعاله لمواجهه ظاهره السمسره، والممارسات الاحتكاريه او المضاربات في سوق الغذاء بمصر، ومحاولات نشر منافذ التوزيع التي يقوم بها مشكورين القوات المسلحه او وزاره الداخليه، لا تتمكن ولن تصل للمائة مليون مواطن ولن تكسر المحتكرين.
فسيدي المرشح للانتخابات الرئاسيه دعك من اعذار كورونا وأوكرانيا، وانجازات الخرسانة والمونوريل واعلام الجمهوريه الخامسه، واعلن عن خطتك لمواجهه ارتفاع الأسعار، وكسر مافيا الدولار والمواد الغذائيه، واعلم ان خطتك لن تنجح باستعانتك بالاجهزه الحكوميه، او الجهات الامنيه فقط، ولكن بوضع يدك في يد المواطن ليكون سندك وليكون مؤمنا بخطتك ولا تنسي انه هو المستهلك ومازال الاقوي وانه مالك القرار الأخير لنجاحك في الانتخابات.