أخبار عاجلة

هل تعاني الصين من أزمة إقتصادية؟

أرشيفية

المراقب : وحدة الدراسات

في تسارع للأحداث، والتي تشيء جميعها بأن الاقتصاد الصيني تتعمق أزمته يوما تلو الأخر، قدمت شركة ” إيفرغرين” الصينية، وهي أكبر مطور عقاري مثقل بالديون في العالم ، طلب بالحماية من الدائنين في محكمة الإفلاس في مدينة نيويورك بالولايات المتحدة الأمريكية.
طلبت اشركة الحماية بموجب الفصل 15 من قانون الإفلاس الأمريكي ، الذي يحمي الشركات غير الأمريكية التي تخضع لإعادة الهيكلة من الدائنين الذين يأملون في مقاضاتهم أو ربط الأصول في الولايات المتحدة.
يأتي طلب ” غيفر غرين ” وسط مخاوف من أن مشاكل قطاع العقارات في الصين قد تمتد إلى أجزاء أخرى من الإقتصاد الذي يشهد بالفعل نموا متعثرا.
لا تبدو أزمة الصين الاقتصادية وليدة اليوم، بل تسببت فيها تراكمات وأزمات في قطاعات مختلفة ، وقد كان منها القطاع العقاري ، حيث تواجه شركة إيفرجرين صعوبات منذ عام 2021 ، نتيجة دون هائلة تخطت 300 مليار دولار ، حين عززت السلطات الصينية تدابيرها لضبط القطاع العقاري ، وتحولت الشركة العملاقة إلى رمز للأزمة الحادة التي لا يزال القطاع العقاري الخاص يعانيها في الصين إزاء عجز شركات التطوير على إنجاز مشاريعها ، مع تزايد الآليات القضائية بحقها ورفض بعض المالكين تسديد قروضهم .
ما الذي حدث لهذه الشركة الصينية العقارية العملاقة؟
حتى عام 2018 كان الأداء المالي للشركة يتزايد بمعدل تضاعف بلغ 6.5 مرة مقارنة بسعر سهمها في بداية الطرح في نوفمبر 2009، لكن منذ 2018 بدأت تنخفض وتيرة المبيعات والإيرادات التشغيلية بالتزامن مع ارتفاع مصروفات الديون التي جاءت من قروض تم التوقيع عليها في فترة توسع أنشطتها بإغراء من التوسعات الكبيرة وأحجام الأعمال والغقبال على منتجات الشركة.
هذه التوسعات يمكن إعتبارها أسبابا ظاهرية ، غير أن الداء الحقيقي الذي أدى بها إلى هذا الوضع تمثل في تدخل الجهات الحكومية الصينية بتنظيم السوق العقاري في 2017 ، ووضع اشتراطات تبدو صعبة في لوائح البناء وتملك العقارات بهدف تهدئة السوق ، وأتخاذ إجراءات إحترازية استشاريه لإجتواء أي أومة عقارية محتملة.

والمؤكد أن أزمة الرهونات العقارية الصينية لم تتوقف عند حدود شركة “إيفرغرين فحسب”،فقد تقدمت شركة ” نيانجي هولدنج ” وهي شركة تابعة لإيفرجين ، بطلب حماية من الإفلاس كذلك في الداخل الأمريكي ، وتحديدا في محكمة مانهاتن بمدينة نيويورك.
يبدو مشهد العقارات الصينية مثير ومخيف معا، إذ يشهد ذلك القطاع أزمة غير مسبوقة منذ أواخر حقبة التسعينات من القرن الماضي ، إذ تكافح معظم شركات التطوير العقاري الصينية لإعادة تمويل سنداتها المحلية،وسط أنخفاض باسعار المساكن خلال الأشهر ال 11 الماضية.
في السنوات العشر التي أعقبت الأزمة المالية العالمية، أرتفعت نسبة الدين الداخلي للصين إلى الناتج المحلي الإجمالي من نحو 150% إلى أكثر من 250% ، ومن ثم زادت ديون الأسر والحكومات المحلية وشركات التطوير العقاري والشركات الحكومية بشكل أسرع ، مما خلق دينامية محفوفة بالمخاطر ، وتكبدت بذلك شركات التطوير العقاري ديونا هائلة .
والثابت أن المشاهد المتراكمة المتقدمة ، تطرح علامة أستفهام عن إمكانية فك الإرتباط بين الاقتصاد الصيني وبقية اقتصاد العالم، وفي المقدمة بلاشك أكبر اقتصاد عالمي حتى الساعة، أي اقتصاد الولايات المتحدة الأمريكية..ماذا عن هذا ؟
ما الذي يعنيه مصطلح فك الإرتباط أول الأمر؟
تعد العلاقات الشخصية تشبيها واضحا، ففك الإرتباط هو عكس الإرتباط، وحتى الشركاء التجاريين قد ينفصلون أيضا.
المملكة المتحدة أنفصلت عن الإتحاد الأوربي بإتفاقية بريكست ، وأجبرت العقوبات المفروضة على موسكو العديد من الدول على التخلي عن الصادرات الروسية.
هل يمكن أن يحدث فك إرتباط مماثل بين بكين وواشنطن على النحو المتقدم؟
المؤكد أنه لا يمكن أن ينظر للأرتباط القائم بين الصين وامريكا بنفس النظرة ، فالامر ليس أقتراحا قد يلقى قبولا شاملا أو رفضا تاما، من شأنه أن ينتهي بانفصال مفاجئ .
يعتقد غالبية الخبراء الإقتصاديين أن تقليل الإعتماد الاقتصادي المتبادل بين الطرفين عملية تسير بوتيرة بطئية ومستمرة ، فعادة تعمل الصين بإعتبارها مصنعا للعالم ، والولايات المتحدة هي أكبر قاطرة للإستهلاك .
ويمكن إعتبار فك الإرتباط سببا لتودد الرئيس الصيني شي جين بينغ لنظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون في إبريل نيسان الماضي ، أو لعقد الولايات المتحدة اتفاقية بخصوص المعادن اللازمة لصنع المركبات الكهربائية مع اليابان.
ولأكثر من ثلاثة عقود من الزمن ، كان الإقتصاد العالمي يتسم بالتكامل الجامح،وقدر غير مسبوق من الإتكالية المتبادلة، ولم تتمكن الخلافات السياسية ولا الحروب المحلية من إبطاء قطار العولمة. كانت الأسواق أسواقا ، وكانت الأعمال أعمالا، واصبحت الشركات المتعددة الجنسيات أكثر تعددية ، لكن اليوم لا يبدو أن الحال كما الأمس .
هنا يقطع خبراء الإقتصاد الدوليين بأنه ما كان للصين أن تصبح على ما هي عليه اليوم لولا العولمة، كما أجبرت العلاقات مع العالم الخارجي الصين على تقديم نظام قانوني قادر على إنشاء وإنفاذ قانون العقود والملكية الفكرية، وأفضى توسع قدرة اقتصاد الصين إلى تمكينها على نحو متزايد من استعراض القوة في الخارج.
هل يمكن في ظل هذه الأوضاع أن تفك الصين إرتباطها الإقتصادي مع العالم الخارجي أو العكس، بمعنى أن يخلي العالم سبل التعاون ويوقف سلاسل الإمداد مع الصين ؟
أفضل جواب استمع إليه العالم ، جاء على لسان وزيرة الخزانة الأمريكية، جانيت بلين، في منتصف شهر يوليو تموز الماضي، خلال زيارتها للصين.
أمام ممثلي شركات أمريكية في الصين قالت بلين إن فك الإرتباط بين أكبر اقتصادين في العالم ” عمليا مستحيل “.
وفيما تسلط قيود بكين على الصادرات الضوء على الحاجة إلى سلاسل إمداد متنوعة، قالت “بلين ” إن فك الإرتباط بين أكبر إقتصادين في العالم سوف يؤدي إلى زعزعة الاقتصاد العالمي .
بلين في زيارتها للصين قالت أنها ستوضح للمسولين الصينيين أن واشنطن لا تسعى إلى فصل كامل لإقتصاد البلدين ، لكنها على الرغم من ذلك أكدت أنها ستثير المخاوف بشأن استخدامهم للدعم الموسع للشركات المملوكة للدولة والشركات المحلية، والعقبات التي تحول دون دخول شركات أجنبية إلى الأسواق والإجراءات العقابية الأخيرة ضد الشركات الأمريكية.
هل يعني موقف وزير الخزانة الأمريكية بلين، أنه لا مصلحة للاقتصاد الأمريكي ولا اقتصاد العالم ، في تعرض الاقتصاد الصيني لعثرات وكبوات ، يمكن أن تقود إلى إنهيارات كبرى ، تشل حركة الإقتصاد العالمي مرة وإلى أجل بعيد، سيما في مثل هذه الظروف القلقة والمضطربة، وحيث لا يقطع أحد بصيرورة المشهد الدولي والتغيرات الجيوسياسية القلقة والمضطربة ؟

_______________

إلى قراءة لاحقة باذن الله

عن سيد العادلى

شاهد أيضاً

منصور: افتتاح موسم الحصاد بمشروع مستقبل مصر بشرة خير

كتب: محمد عبدالله حسين أكد المهندس اسلام منصور رئيس مجلس امناء مجموعة هاردن، أن افتتاح …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *