أخبار عاجلة

دراسة.. حرب غزة وسيناريو الحرب الموسعة

بعد دخول الأزمة في غزة أسبوعها الثالث، واستمرار القصف الإسرائيلي على قطاع غزة، عطفا على سيناريوهات الغزو البري الواردة بقوة، بدأت الكثير من الدوائر المعنية بالتحليلات العسكرية والإستراتيجية في التساؤل :” هل يمكن أن تؤدي العمليات العسكرية المنطلقة هناك إلى تصعيد على جبهات أخرى ساخنة، لم تكن في حادة الإ لأعواد ثقاب حتى تشتعل ؟
المؤكد أن الجميع يترقب ومنذ فترة ليست بالقصيرة، مواجهة عسكرية بين قوات الجيش الإسرائيلي وحزب الله في جنوب لبنان، ناهيك عن المعركة التي تبدو للبعض واجبة الوجود، بين إيران وإسرائيل من جراء معادلات التفوق الإقليمي والتي قد تختل إذا أمتلكت إيران القنبلة النووية.
ولعل المتابعون للمشهد على الأرض يتساءلون، ولهم في الحق ألف حق:” لأي سبب تتوجه قوة النيران الأميركية الهائلة، المتمثلة في أحدث حاملة طائرات في البحرية الأميركية،”جيرالد فورد” إلى مياه البحر الابيض المتوسط، ثم تتبعها حاملة الطائرات” إيزنهاور “؟
المؤكد أن المواجهة الإسرائيلية في غزة لا تستدعي تحرك حاملات طائرات أميركية ، تستخدم في حالات الحروب الكبرى، بدءأ من الإقليمية وصولا إلى العالمية ، الأمر الذي يفتح المجال واسعا لما هو أبعد .
هل هو آوان تصفية حسابات أميركية قديمة مع إيران بنوع خاص ، والخلاص من وكلاءها في المنطقة، وإن كان ذلك كذلك ، فهل يعني الأمر أن عدة جبهات سوف تنطلق فيها عمليات عسكرية لم يعرفها العالم ربما منذ وقت طويل ؟
يذهب البعض إلى القول أنه ربما تجد واشنطن التوقيت نموذجيا لإنهاء أزمات متراكمة في هذه الرقعة الجغرافية دفعة واحدة…لماذا ؟
لأن روسيا منشغلة في أوكرانيا من جهة، ما يعني عم مقدرتها على مشاغبة الحضور الأميركي عسكريا عبر مساعدة إيران على سبيل المثال ، وفي الوقت نفسه فإننا نجد الصين معطوبة إقتصاديا، ناهيك عن وجود مناطق ملتهبة تستدعي وجودها فيها كما الحال في مياه المحيط الهادئ، وبحر الصين الجنوبي، ثم جزيرة تايوان.
كيف يمكن أن تمضي سيناريوهات الحرب في المنطقة، وما هي الساحات المرجحة والمرشحة لأن تكون موقعا وموضعا للأسوا الذي لم يأت بعد ؟
تبدو الجبهة الجنوبية للبنان هي أول جهة مرشحة للتصعيد، وهو أمر وضعته الإستراتيجيات والخطط العسكرية الإسرائيلية نصب أعينها منذ وقت طويل.
في أوائل أغسطس آب المنصرم، نشرت صحيفة” يسرائيل هيوم “، تقريرا مطولا عن المواجهة المحتملة مع حزب الله ، وقد بدا واضحا أن قدراته الصاروخية ، هي أكثر ما يزعج الجانب الإسرائيلي .
لا تبدو الأرقام الخاصة بصواريخ حزب الله دقيقة للغاية، لكن مصادر عسكرية متعددة ترى أنها لا تقل عن 150 ألف صاروخ، وأنهم يخططون لقصف إسرائيل يوميا باستخدام 6 آلاف صاروخ في الأيام الأولى من الحرب، وما بين 1500 إلى 2000 صاروخ لاحقا.
هذه القصفات ستتسبب في مقتل 500 مدني على الأقل ، وهذا لا يشمل الجنود ، وإصابة الآلاف .
ما الذي تتخوف منه إسرائيل حال الإشتباك مع حزب الله ؟
أولا : حالة الفوضى الكبيرة التي ستضرب الداخل، ما يعني أن جهاز الأمن الداخلي سيجد نفسه قلقا ومضطربا بصورة لم يعهدها من قبل .
ثانيا: التخوف الإستراتيجي الأكبر موصول بقدرات الدولة الإسرائيلية على الإستمرار في أداء الدولة لمهامها، فالصواريخ حتما ستصيب شبكة الكهرباء ، الأتصالات، الانترنت ، سلسلة توريد الأغذية والقدرة على تقديم الخدمات للمواطنين في أعقاب التوقف عن العمل “.
ولعل التخوف الشديد يتمثل في حدوث ضربة دقيقة لمحطات توليد الطاقة بشكل يضر جدا بالقدرة على إنتاج الكهرباء التي من دونها ستشوش أيضا الأتصالات مما يؤثر في القدرات الدفاعية.
دخول حزب الله إلى دائرة العمل العسكري، يمكن أن تصيب الموانء البرية والجوية لإسرائيل بشلل تام ، ما يؤدي إلى وقف حركة الطيران من وإلى الداخل الإسرائيلي ، فيما الخوف الأبرز يتمثل في عدم امتثال الفلسطينيين من الداخل لعملهم الحيوي كسائقي الشاحنات ، في مثل هذا الوضع ستنقطع سلسلة التوريد”.
هنا يعن للقارئ أن يتخيل قدر الرد المطلوب من إسرائيل للدفاع عن أمنها القومي ، وكيف يمكن أن يكون عليه الحال بعد تغيب نحو 50% من المستوطنين عن عملهم ، وغياب 70% من القائمين على المرافق الحيوية.
هل يعني ذلك أن إسرائيل ستقصر عن الرد وهي ترى زلزالا يصيبها على هذا النحو ؟
بالقطع لا ، وربما لهذا أرتفعت أصوات في الداخل الإسرائيلي في الأيام الأخيرة تطالب بضربة استباقية للقدرات القتالية وخاصة الصاروخية لحزب الله لتجنب الوقوع في مصدة الصواريخ المعدة من زمان وزمانين للدولة العبرية ، وقبل أن تصاب هذه الأخيرة بتدمير فتاك لبناها التحتية .
غير أن هذا السيناريو محفوف بالمخاطر، لأنه سيعني توسيع دائرة الصراع ، وأستدعاء قسري لإيران ، وحدوث القارعة الكبرى المحتملة.
غير أنه قبل الوصول إلى الساحة الإيرانية، ربما يتوجب علينا التوقف عند منعطف أخر يشكل جبهة محتملة لاشك فيها ..ماذا عن ذلك؟
تبقى الساحة السورية مرشحة وبقوة لأن تكون بدورها مسرحا للعمليات حال إتساع رقعة النيران، سيما أن الجولان المحتل لا يزال يئن تحت وقع الحضور الإسرائيلي .
في الأيام الأولى من المواجهة بين غزة والداخل الإسرائيلي ، سقطت بالفعل قذائف في منطقةمفتوحة تم إطلاقها من الجانب السوري .
لم يعلق النظام السوري أو تتطرق وسائل إعلامه لهذه الحادثة ، والتي تزامنت مع عمليات قصف متبادلة على الحدود – اللبنانية – الإسرائيلية ، غير أن الأنظار تتجه في الوقت الحالي إلى ما ستؤول إليه الأوضاع في الأيام المقبلة .
على أن علامة الاستفهام الأهم ما هو موقف النظام السوري مما جرى نهار السابع من أكتوبر ، وهل هذا الموقف سيجعل من سوريا ساحة مواجهة وعلى رقعة جغرافية أوسع بكثير من مجرد الجولان؟
بعد عملية حماس ، نشرت رئاسة الجمهورية السورية بيانا جاء فيه أن ” فصائل المقاومة في فلسطين المحتلة سجلت سطرا جديدا على كريق إنجاز الحقوق الفلسطينية الثابتة وغير القابلة للتصرف”.
هل يعني ذلك أن هناك موافقة سورية رسمية على أن تنضم للقتال الواسع حال حدوثه ؟
المعروف ان سوريا زاخرة بالعديد من الجماعات المسلحة التابعة لإيران، والتي تقاتل فوق أراضيها،ومن بينها أطراف تابعة لحزب الله مباشرة.
على انه وإن كان من النادر أن تشهد هضبة الجولان أحداثا أمنية كبيرة من جانب النظام السوري، حتى بات “جبهة هادئة” على نحو أكبر من باقي الجبهات المحيطة بإسرائيل ، الإن أن ذلك لم يوقف حالة التوجس والتحذير من جانب إسرائيل ، إذ كانت تتجه دائما للقول بأن غيران تعمل على تشكيل “حزب الله 2” على الطرف المقابل من الجولان ضمن الأراضي السورية.
هنا ومن دون تطويل ممل يمكن القطع بأن سوريا وحال القارعة الأوسع، سترحب ايما ترحيب بالتنسيق مع إيران وحزب الله والمقاومة الفلسطينية كضرورة للإشتراك في مهاجمة إسرائيل،ما يفيد بأن جبهة الجولان التي لطالما أعتبرت هادئة، سوف تتحول عند نقطة زمنية بعينها إلى كتلة لهب متدحرجة مرة جديدة، الأمر الذي يلفى بعبء عسكري إضافي على إسرائيل ، والتي ستكون عندها في مواجهة ثلاث جبهات : غزة على الحدود ، حزب الله في الجنوب اللبناني ، أطراف وأطياف مقاومة فلسطينية مختلفة داخل أراضي العمق الإسرائيلي، من أولئك الذين يطلق عليهم عرب 1948، وهم كثر ولا توفرهم إسرائيل من حساباتها حال المواجهة الكبرى.
غير أن الجبهة القتالية المخيفة التي تتحسب لها إسرائيل تتمثل في إيران .
التساؤلات المثيرة والمخيفة في أزمة غزة تبدأ من عند المواجهات التقليدية ويمكن أن تمتد وصولا إلى المواجهات بأسلحة غير تقليدية؟
هل نقصد بها النووي ؟ كل الإحتمالات واردة حال وجدت القوى الغربية أن دولة إسرائيل تواجه تهديدات مصيرية وجودية بسبب من حولها ، الأمر الذي يفتح الأبواب أمام المزيد من التوقعات السلبية لمستقبل حالة السلم العالمي .

 

 

عن سيد العادلى

شاهد أيضاً

عواصف سياسية بسبب سياسة بايدن.. استقالات واحتجاجات تضرب أمريكا

متابعات- خارجي تواصل حكومة الاحتلال الصهيوني هجومها على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر 2024، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *