أخبار عاجلة

إميل أمين يكتب.. كايسيد وأسبوع الوئام بين الأديان

إميل أمين

يحفل الأسبوع الأول من شهر فبراير من كلّ عام، بفعاليات أسبوع الوئام بين الأديان، والذي اعتبرتْه الجمعية العامة للأمم المتحدة مدخلاً للتفاهم المتبادَل والحوار بين الأديان، الأمر الذي يعزّز من السلام العالمي.
وإدراكًا للحاجة الحتمية للحوار بين مختلف الأديان والمذاهب، فإن المنظمة الدولية تشجِّع على نشر رسالة الوئام بين أصحاب الأديان، وإظهار حُسْن النية، في كافة بيوت العبادة من كنائس ومساجد ومعابد يهودية، وغيرها من أماكن العبادة خلال هذا الأسبوع،على أساس طوعيّ وفقًا لتقاليد كل دين أو مُعتقَد.
لم يَغِبْ مركز الملك عبد الله بن عبد العزيز العالمي، للحوار بين أتباع الأديان والثقافات “كايسيد”، عن الحضور الفاعل بالدعوة والأنشطة وتوجيه الرسائل الرشيدة، في هذه المناسبة، مطالبًا بأن يكون هذا الأسبوعُ فرصةً لتعزيز الحوار والتعايش بين مختلف الثقافات والأديان.
يؤمن “كايسيد”، بقوة الوئام في تحقيق التغيير الفاعل والنافذ، الإيجابي والخلّاق، وهذا ما يتحقَّق من خلال دعم المبادرات التي تُعزِّز الحوار بين مختلف أتباع الأديان، وبهدف بناء جسور التصالح والتسامح حول المسكونة برُمَّتها.
عمل “كايسيد” عبر أكثر من عشر سنوات، كمصباح في ظلمة تدهورات “حاضرات أيّامنا”، حيث العصبِيّات والقوميّات، الشوفينيّات والأصوليّات، تكاد تصيب القلوب والعقول بالعَتَم الشديد.
انطلق “كايسيد” ولايزال من قواعد وركائز إيمانية وإنسانية، تفتح للحوار أبوابًا واسعة، تقوم على المودّات الخالصة، وبعيدًا عن الزيف الأبوكريفيّ، ذاك الذي بات يغلف الكثير من السياقات التي تجري بها المقادير.
ما قامت وتقوم به “كايسيد”، بعيدٌ كلّ البعد عن استهلاك الوقت والجهود في المجاملات التي لا تغير الواقع، بل تسعى لتعزيز التواصل الإنساني من أجل بشرية أكثر إنسانوية، تمتد عبر أطراف واسعة وشاسعة حول الكرة الأرضيّة، ما ينتج في نهاية الأمر جوًّا صحيًّا ومريحًا من العلاقات الإنسانية الإيجابية، ولا يعني ذلك إلغاء الاختلافات الجوهرية، أو بلورة رؤى توافقية غير حقيقيّة، بل الغاية الحقيقية تتمثل في إزالة الحواجز التي تمنع فرح اللقاء مع الآخر، لا سيّما أنّ الحوار مع المغاير، هو مرحلة أولى وجوهريّة من معرفة الذات.
أكثر من مرة تحدَّث الأمين العام لكايسيد، الدكتور زهير الحارثي، حول الأهداف الحقيقية التي يسعى المركز إلى بلورتها في واقع حيّ على الأرض، وقد اعتبر أنّ أسبوعَ الوئام بين الأديان مناسبةٌ مهمّة تتقاطع مع رؤى وتوجّهات المركز الساعية للإسهام في إيجاد عالم يسوده الاحترام والتفاهم والتعاون، وكذا العدالة والسلام والمصالحة بين الناس.
يقطع الحارثي بأن جهود “كايسيد”، عبر طرق مُتشعِّبة من ندوات ومحاضرات، من دورات تدريبية وزمالات دراسية، عطفًا على تشجيع روح السلام والتعايش بين أبناء الأديان المختلفة، إنما تهدف في أصلها وفصلها، مظهرها ومخبرها، إلى إنهاء أزمنة استخدام الدين لتبرير القمع والعنف والصراع.
يفخر “كايسيد” بأنه أنجز عقدًا وأزيد من الحوار نحو عالم أفضل، ويتطلع القائمون على المركز إلى مزيد من العمل الجادّ والتعاون مع الشركاء وأصحاب النوايا الحسنة في العالم لتحقيق رؤية المركز النبيلة التي تقوم على تعزيز التعاون والسلام بين أتباع الأديان، ومن هذا المنطق يمكن اعتبار أسبوع الوئام بين الأديان، فرصة رائعة لتعزيز العمل المشترك لتحقيق وإعلاء قيم الحوار والتعاون والتبادل المعرفيّ الخلّاق القائم على العقل والنقل دفعة واحدة.
يوفّر أسبوع الوئام بين الأديان منصّةً أسبوعية، مرة واحدة في السنة، يتم من خلالها الإثبات للعالم بأسره على قوة نشاط كل من مجموعات حوار الاديان والنوايا الحسنة، فغالبًا ما تقوم هذه المجموعات بإجراء آلاف الأنشطة والفعاليات من غير أن يلاحظها أحدٌ من العامّة، بل ومن دون ملاحظة مجموعات مماثلة. وقد كان “كايسيد” سَبَّاقًا كحاضنة للكثير من هذه المجموعات وزاخمًا لها، إيمانًا منه بدور مؤسسات العمل الأهلي والمراكز الفكرية في تغيير الواقع الزمني المأزوم.
ولعل الناظر بعمق ورَوِيّة إلى الهدف من الأعمدة الرئيسية التي تقوم عليها فكرة أسبوع الوئام، يجد نفسه أمام مفهومَيْن إنسانيَّيْن: الأول هو “حب الله”، والثاني “حب الجار”، من دون أيّ مساس أو انتقاص من أيٍّ من المُعتقَدات الدينيّة الخاصة به. ومن البديهيات القول إن هاتَيْن الوصيّتَيْن حاضرتَان في صميم الأديان السماوية الثلاثة، لتوفِّرَ بذلك أصلب أرضية دينية.
يؤمن القائمون على مركز الملك عبد الله بن عبد العزيز للحوار بين أتباع الأديان الثقافات، بأن المسالة الحوارية بين أتباع الأديان هي ركن أساسيّ من أركان الإصلاح الفكري المجتمعيّ، لا في الشرق فقط، ولا في الغرب أيضًا، بل حول العالم من شرقه إلى غربه، حيث الحاجة الماسّة إلى نبذ التطرف والتعصب، وعلى أرضية الحوار الخصبة تَنْبُتُ وتينع ثمار الأفكار المتطورة التي تخلق حالةً من التعددية، والتنوع بين أفراد المجتمع، كما يتم استخدام هذه المساحة من أجل إثراء جوانب الحياة الحرة، لا من أجل إقحام المجتمع في جدليّات تعطّل الحياة وتثير الأحقاد بين الناس.
نجح “كايسيد” في السنوات الماضية، في إضافة مداميك قوية راسخة تمثَّلتْ في منصّات جمعت البشر من أوروبا وإفريقيا، ومن آسيا إلى أميركا اللاتينية وحتى الشمالية، ونجاحاتها تمتد يومًا تلو الآخر، ومَرَدُّ الأمر إلى صفاء النية وصلاح الطويّة في تعزيز ما يُعرَف بـ”الخير العام”، ذاك الذي يظهر الوجه الحقيقي للوئام الإنساني حول الكرة الأرضية من دون تمايز أو محاصصة عقديّة، وبعيدًا جدًّا عن سياقات الصراعات الإيديولوجية.
تفتح فعاليات “كايسيد”، في زمن أسبوع الوئام، وطوال العام المجال لتجمع رؤساء وزعماء دينيين، من جميع أرجاء العالم، بهدف تذليل الصعاب الحياتيّة ولتعميق سرديّة السلام وإبعاد شبح الخصام، حيث الشموع والصلوات والتحيّات، لإله واحد نعبده جميعًا، سيّما أن قارب البشرية يكاد يغرق من فرط آثام الآثمين وجهالات الجاهلين.

عن إميل أمين

شاهد أيضاً

الدكتور أحمد سعيد رزق يكتب رأي المراقب اليوم.. “عود_على_بدء “

يمثل إبراهيم عيسى ورفاقه النموذج المبتذل لمدعي الثقافة والتنوير، إلى الآن لا تفهم لهم مدرسة، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *