المراقب: وحدة الدراسات
قبل بضعة أيام ، أعلن روبرت كينيدي جونيور ، أبن شقيق الرئيس الأمريكي الأسبق جون كينيدي ، أنه يدرس إمكانية الترشح لمنصب الرئيس في الإنتخابات الأمريكية القادمة .
الإعلان جاء عبر محطة الإذاعة “NHPR ”
نقلا عن تصريحات كينيدي خلال زيارة كلية في ولاية نيوهامبشار :” أفكر في الأمر ، وقد تغلبت على أهم عقبة ، بعد ان أعطت زوجتي الضوء الأخضر “.
وبحسب ما ذكرته شبكة فوكس نيوز ، فإنه إذا حسم كينيدي أمره في مسألة الترشح للإنتخابات الرئاسية ، فإنه سيترشح عن الحزب الديمقراطي بكل تأكيد وتحديد .
من هو روبرت كينيدي الأبن والذي يقترب اليوم من عامه السبعين ،( من مواليد 1954)، ما يعني أنه ليس المرشح الشاب ، الذي يمكن أن يجدد وجه أمريكا ، كما فعل عمه جون فيتزجيرالد كينيدي ، في أوائل ستينات القرن المنصرم ؟
يحتل روبرت المرتبة الثالثة في تعداد أحد عشر طفلا ، هم أبناء السيناتور والمدعي العام روبرت كينيدي ، وإيثيل كينيدي .
نشأ في منازل عائلته في ماكلين ، فيرجينيا وكيب كود ، ماساتشوستس ، كان عمره تسعة أعوام عام 1963 ،عندما أغتيل عمه الرئيس جون كينيدي ، وكان يبلغ من العمر 14 عاما في 1968 ، عندما أغتيل والده أثناء ترشحه للرئاسة في الإنتخابات التمهيدية في ذات العام .
بعد حصوله على الشهادة الثانوية، واصل كينيدي تعليمه في هارفارد وكلية لندن للإقتصاد ، وتخرج من كلية هارفارد في عام 1976 ، بدرجة بكالوريوس في الاداب في التاريخ الأمريكي والأدب ، وحصل بعد ذلك على دكتوراه في القانون من جامعة فيرجينيا وماجستير في القانون من جامعة بيس.
يعد روبرت كينيدي الأبن من أهم المحامين الأمريكيين العاملين في مجال القانون البيئي ، لدرجة أنه يعرف باسم ” حارس النهر “.
لكن حياة روبرت الأولى، لا تخلو من سقطات ، أستطاع تجاوزها لاحقا ، وبكثير من الإنتصارات ، ففي عام 1983 ، عندما كان مساعدا للمدعي العام في مانهاتن ، ألقي القبض عليه واقر بالذنب لحيازة الهيرويين ، وحكم عليه بالسجن لمدة عامين مع المراقبة وخدمة المجتمع . بعد إلقاء القبض عليه ، دخل أحد مراكز العلاج من تعاطي المخدرات وتطوع أثناء فترة المراقبة في مجلس الدفاع عن الموارد الطبيعية .
بعد أن أنتهت فترة المراقبة ، أنضم كينيدي إلى مجموعة “حارس النهر ” أو ” ريفير كيبر” القانونية ، كمحقق، وتمت ترقيته إلى محام أول ، عندما تم قبوله في نقابة المحامين بنيويورك في عام 1985 .
من خلال التقاضي والضغط والتدريس والحملات العامة والنشاط ، دعا كينيدي لحماية الممرات المائية وحقوق السكان الأصليين والطاقة المتجددة .
لم تكن السياسة مجالا بعيدا عن عالم روبرت الأبن ، فهي تجري في عروقه مجرى الدم .
المثير أن إغتيال عمه ، ومن ثم والده ، لم يثنيانه عن إكمال المسيرة ، وفي وقت مبكر ، فقد كان عضوا في حملات عمه السيناتور إدوارد كينيدي في الفترة من عام 1970 وحتى العام 1976في ماساتشوستس . لاحقا شارك في طاقم الموظفين الوطنيين ومنسقي الدولة لإدوارد كينيدي ، في حملته للترشح لمنصب الرئيس عام 1980 ، وقبل ان يفوز رونالد ريغان بالمنصب .
روبرت جونيور ، كتكوت سياسي فصيح ، ولهذا بدا يصيح منذ وقت مبكر ، ففي العام 1974 ، كتب في مجلة أتلانتيك مقالا تحت عنوان ” تشيلي الفقيرة “، ناقش فيه فكرة الإطاحة بالرئيس التسيلي ، سيلفادور الليندي .
تاليا في العام 1975 ، كتب مقالا إفتتاحيا ضد إعدام الرئيس الباكستاني ذور الفقار علي بوتو ، من قبل الجنرال محمد ضياء الحق .
لسليل الأسرة الكينيدية الشهيرة ، مواقف واضحة من سياسات بلاده الخارجية ، فقد نشر عدة مقالات في صحيفة وول ستريت جورنال ، أنتقد فيها بشدة إستخدام الإغتيال كأداة للسياسة الخارجية .
وفي 2005 ، وبعد عامين من غزو القوات الأمريكية للعراق في 2003، وما صاحب ذلك من حملات تعذيب منظمة في سجن أبو غريب ، كتب روبرت جونيور مقالا في صحيفة لوس انجلوس تايمز ، ينتقد فيه إستخدام الرئيس بوش التعذيب ضد من تعتبرهم الإدارة وقتها أعداء أمريكا .
ولروبرت كينيدي الأبن ، رؤية مثيرة للدهشة ، وجواب مهم على التساؤل الذي أنطلق في سماوات الولايات المتحدة الأمريكية في أعقاب أحداث الحادي عشر من سبتمبر :” لماذا يكرهوننا “، وقد كان المقصود ولاشك العرب والمسلمين .
الرد المشار إليه جاء ضمن مقال عنوانه :” لماذا لا يريدنا العرب في سوريا ؟ والذي نشره في مجلة بوليتيكو الأمريكية في فبراير 2016 ، وفيه توقف طيلا بالشرح والتحليل ، وأستفاض في الحديث عن التاريخ الدموي الذي يفتقده المتدخلون الأمريكيون المعاصرون من نوعية ، جورج بوش الأبن ، تيد كروز ،مارك روبيو ، الذين لا ينفكون يرددون أن العرب يكرهوننا بسبب حرياتنا .
يقول روبرت كينيدي جونيور:” في أغلب الاحيان لا يفعلون ذلك ، أنهم يكرهوننا من جراء خيانتنا نحن لمفاهيم الحرية التي كان يتوجب علينا إحترامها .
في أواخر عام 2007 ، أيد كينيدي وشقيقته كيري ، المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون ، خلال حملتها الإنتخابية التمهيدية الرئاسية للحزب الديمقراطي لعام 2008 .
لاحقا وبعد المؤتمر الديمقراطي ، قام كينيدي بحملة من أجل أوباما في جميع أنحاء الولايات المتحدة ، ومن ثم تم إختياره كمرشح أول لمدير وكالة حماية البيئة لأوباما .
هل هذه هي المرة الأولى التي يسعى فيها روبرت جونيور للترشح لمنصب سياسي ؟
ربما لمنصب الرئيس نعم ، هذه هي المرة الأولى ، لكن لمناصب أخرى ، سبق وفكر في ذلك .
كانت المرة الأول التي أنتوى فيها أن يخوض غمار معركة سياسية ، عام 2000 ، وذلك عندما لم يسع عضو مجلس الشيوخ عن نيويورك دانيال باتريك موينيهان إلى إعادة إنتخابه لمقعد مجلس الشيوخ الأمريكي الذي كان يشغله والد كينيدي ، والذي أنتخب لنفس المقعد عام 1964 ، وقد شغله بالفعل لمدة 41 شهرا ، حتى وفاته عام 1968 .
مرة أخرى في عام 2005 ، فكر كينيدي في الترشح لمنصب المدعي العام في نيويورك ، وهو ما كان سيعني إحتمال الترشح ضد صهره آنذاك أندرو كوكو ، لكنه في النهاية قرر عدم دخول السباق ، على الرغم من أنه كان يعتبر المرشح الأوفر حظا .
وفي ديسمبر 2008 ، صرح كينيدي ، أنه لا يرغب في أن يتم تعيينه في مجلس الشيوخ الامريكي من قبل حاكم نيويورك ديفد باترسون ، فقد شعر أن الأمر سيستغرق وقتا طويلا بعيدا عن أسرته .
إلى أين يمكن أن تمضي قصة ترشح روبرت جونيور، هل يمكنه أن يحوز ترشيح الحزب الديمقراطي له ؟
هناك مسافة بينه وبين المرشحين الأخرين الفاعلين على الصعيد الوطني الأمريكي ، سيما بعد تقلص فرص الرئيس بايدن في الترشح لولاية ثانية بعد الكشف عن إصابته بنوع من أنواع سرطان الجلد ، والذي قد يمتد إلى بقية جسمه ، ما يفقد الناخب الأمريكي رغبته في التصويت له .
على ان روبرت جونيور وإن حمل اسم عائلة كينيدي رمز الحلم الأمريكي ، الإ أنه من دون شك يفتقد الألق الذي كان لوالده وعمه .
التاريخ لا يكرر ذاته نعم …لكن من يعلم ..ربما أحداثه تتشابه ، وهو ما يدفع في طريق الخوف على حياة روبرت الأبن ، بأكثر من الطموح في الوصول إلى البيت الأبيض.